تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أفضل الأنساك في الحج]

ـ[ابوحميدان]ــــــــ[02 - 12 - 08, 06:38 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

مسألة: أفضل أنساك الحج

أولا: هل الإنسان مخير بين أنساك الحج أم أنه ملزم بأحدها؟

فيه خلاف على قولين:

* القول الاول: ذهب إليه ابن عباس –رضي الله عنهما- وابن حزم وابن القيم أنه يجب على من أراد الحج أن يتمتع إذا لم يسق الهدي واستدلوا أن النبي rلما ساق الهدي ووصل مكة أمر الصحابة الذين لم يسوقوا الهدي أن يحلوا من الحج ويجعلوها عمرة، وصاروا يراجعونه على هذا الأمر، وكان ابن عباس –رضي الله عنهما- يناظر على هذه المسألة ويقول: (توشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله r وتقولون قال أبو بكرٍِ وعمر)، وقال ابن القيم: (ونشهد الله علينا أنا لو أمرنا بالحج مفردين لرأينا فرضا علينا فسخه إلى عمره تفاديا من غضب الله ورسوله واتباعا لأمره فوالله مانسخ هذا في حياته ولا بعده،ولا صح حرفٌ واحدٌ يعارضه، ولا خص به أصحابه دون من جاء بعدهم ... الخ). وذكر الأدلة على ذالك في المجلد الثاني من زاد المعاد. وأما من ساق الهدي فإنه يقرن لعدم إمكان التمتع في حقه لأنه لايمكن أن يتحلل. وأصحاب هذا القول يقولون إن الأنساك نسكان، وأما الإفراد فقد نسخ بأمر النبي r بالمتعة على من لم يسق الهدي والقران على من ساقه.

قال الشنقيطي: (وهذا قول مهجور). وقال عروة بن الزبير: (كان الخلفاء الثلاثة والمهاجرين والأنصار: يحجون مفردين).

* القول الثاني: ذهب إليه جماهير العلماء في السلف والخلف: أنه يجوز للإنسان أن يتخير من الأنساك ماشاء.

ثم اختلفوا أي هذه الأنساك أفضل على أقوال:-

الأول: أن التمتع هو الأفضل مطلقا وهو مذهب الحنابلة. واستدلوا بـ:

1. أن النبي r أمر الصحابة لما طافوا وسعوا أن يتحللوا ويجعلوها عمرة وكانوا مفردين إلا من ساق الهدي، وقد ساق الهدي r فبقي على إحرامه وتأسف على ذلك وتمنى لو كان متمتعا.

2. قول ابن عمر في الصحيحين: (وتمتع رسول الله r في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج).

3. أن الله تعالى نص عليه في كتابه العزيز، كما قال عمران: (نزلت آية التمتع في كتاب الله وأمرنا بها رسول الله r ، ثم لم تنزل آية تنسخها ولم ينه عنها حتى مات).متفقٌ عليه

4. لأن المتمتع يفعل أعمال العمرة والحج كاملة مع زيادة الهدي.

الثاني: أن القران أفضل مطلقاًَ وهو قول الحنفية واستدلو بـ:

1. ما ورد عن ابن عمر أن النبي r حج قارناً. رواه مسلم وروى القران ستة عشر صحابيا كما ذكره ابن القيم ,وما يختار الله لنبيه إلا الأفضل

2. أن القارن عمرته وحجته آفاقيتان بخلاف المتمتع فان حجته مكية.

الثالث: ان الإفراد أفضل مطلقاً وهو قول الشافعية والمالكية واستدلوبـ

1.ماورد أن النبي صلى الله عليه وسلم حج مفردا فقد قالت عائشة رضي الله عنها أهل النبي صلى الله عليه وسلم بالحج رواه البخاري ومسلم

2.أن الخلفاء الراشدين ابابكر وعمر وعثمان افردوا الحج وواظبو عليه بعد النبي صلى الله عليه وسلم رواه مالك

الرابع:وهو قول اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية كما في منسكه إنه يتنوع باختلاف حال الحاج فإن كان يسافر سفرة للعمرة وسفرة للحج، أو يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج ويعتمر ويقيم فيها فالأفضل له الإفراد باتفاق الأئمة وإن كان يجمع بين الحج والعمرة في سفرة واحدة ويقدم مكة في أشهر الحج فإن ساق الهدي فالقران أفضل وإن لم يسق الهدي فالمتعة أفضل وإن اعتمر قبل أشهر الحج ثم رجع إلى بلده ثم قدم مكة للحج فكحال الثانية. قال ابن عثيمين بعد سياق قول شيخ الإسلام:بعد قوله (باتفاق الأئمة) فالمسألة لها صورتان 1) يأتي بالعمرة قبل أشهر الحج ويبقى في مكة فالإفراد أفضل له لأنه لا بد أن يأتي بالعمرة من الميقات وهذه واضحة من كلام شيخ الإسلام 2) يعتمر قبل أشهر الحج ثم يرجع إلى بلده فنقول الأفضل له ألا يحرم بعمرة بل يكون مفردا ويقول هذا باتفاق الأئمة فإن صح الإجماع فليس لنا أن نخالفه وإلا فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يجعلوها عمرة إلا من ساق الهدي ولم يقل من اعتمر قبل أشهر الحج فليبق على إحرامه مع أنه يظهر أنه يوجد من الصحابة من اعتمر قبل أشهر الحج فلذلك هذه المسألة مشكلة علي من كلام شيخ الإسلام. ا.هـ.

الراجح: قول الحنابلة: أن التمتع أفضل الأنساك لقوة أدلتهم مع الإمكان بالإجابة عن أدلة الأقوال الأخرى. ثم هاهنا تنبيهان لازمان لترجيح قول الجماهير أن الإنسان له الإختيار بين أنساك الحج، ولترجيح قول الحنابلة أن أفضل الأنساك التمتع.

الأول: قال شيخ الإسلام في قصة أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إن هذا الوجوب خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لما في مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سئل عن المتعة هل هي عامة أم خاصة؟ قال بل لنا خاصة, ولأن الصحابة خوطبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة ولو لم ينفذوا لكان وصمة عار للأمة.

الثاني: وأما نسك النبي صلى الله عليه وسلم فلاشك انه كان قارنا وأوضح وأصرح ما ورد في ذلك ما رواه البخاري عن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أتاني آت من ربي فقال (صلي في هذا الوادي وقل عمرة في حجه). قال أحمد –رحمه الله-لاشك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنا.

ويحمل ما ورد من روايات أنه حج مفردا أو متمتعا على أمور:

1. من روى الإفراد أراد ما أهل به أول الأمر.,ومن روى التمتع أراد ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه, ومن روى القران فهو ما ستقر عليه الأمر.

2. أن التمتع عند الصحابة يراد به القران فتحمل عليه من روى أنه كان متمتعاً, ومن روى الإفراد فتحمل على أنه اقتصر على أعمال الحج إذ ليس في عمل القارن زيادة على المفرد.

3. ترجيح روايات القران على غيرها وإن كان بعضها في مسلم فبعضهم ضعفها وأنكرها.

والله أعلم

(هذا المبحث من أجل المدارسة فقط وإلا فالأصل في البحوث التوثيق والرجوع إلى أمهات الكتب)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير