[طرح الأتراح فيما ورد في النعي المحرم والمباح!]
ـ[أبو عبد الله العميسان]ــــــــ[03 - 11 - 08, 02:09 ص]ـ
[طرح الأتراح فيما ورد في النعي المحرم والمباح!]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن وآلاه وبعدُ:
فقد كثر الكلام بين طلاب العلم والخوض في مسألة النعي ما هو؟ وهل كله محرم؟ أو مباح؟ أم أن هناك تفصيل في المسألة؟
والصواب أن هذا مما فيه تفصيل, كما هو في مسألة الإقعاء في الصلاة وغير ذلك من الأمور التي ورد فيها التفصيل, وسيكون الكلام هنا من على النحو التالي:
أولاً: ((تعريف النعي)):
- في اللغة:
قال ابن فارس: "النون والعين والحرف المعتل: أصل صحيح يدل على إشاعة شيء، منه النَّعيُّ: خبر الموت, وكذا الآتي بخبر الموت يقال له نعيٌّ أيضاً ....
ثم قال: نعاءِ جذاماً غير موتٍ ولا قتل ولكن فراقاً للدعائم والأصل".
(معجم مقاييس اللغة ص (1036) , وانظر: تهذيب اللغة (ج3/ص138) , القاموس المحيط (ص1229).
-وفي الاصطلاح:
قال ابن الأثير: "نعى الميت ينعاه نعْياً ونعِياً, إذا أذاع موته، وأخبر به، وإذا ندبه" النهاية في غريب الحديث (5/ 85).
ثانياً: سبر ما ورد في هذه المسألة من أحاديث.
أ- الأحاديث المانعة.
الحديث الأول: عن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: (إياكم والنعي, فإن النعي من عمل الجاهلية) قال عبد الله: والنعي أذانٌ بالميت. رواه الترمذي برقم (984).والحديث ضعيف فيه محمد بن حميد الرازي, وأبو حمزة ميمون الأعور قال الترمذي: ليس بالقوي عند أهل الحديث. وقد ضعفه العلامة الألباني-رحمه الله-, وشيخنا العلامة عبد المحسن العباد-حفظه الله- في شرحه الترمذي.
الحديث الثاني: عن حذيفة –رضي الله عنه- قال: إذا متُّ فلا تؤذنوا بي؛ إني أخاف أن يكون نعياً, فإني سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ينهى عن النعي". رواه الترمذي, برقم (986) , وقال: حديث حسن صحيح. وصححه العلامة الألباني-رحمه الله-.
ب- الأحاديث المبيحة.
الحديث الأول: عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- (نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه, خرج إلى المصلى فصفَّ بهم وكبَّر بهم أربعاً, فقال: استغفروا لأخيكم). رواه البخاري, كتاب الجنائز, باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه, برقم (1245) , (1327) , ورواه مسلم برقم (951).
الحديث الثاني: عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال النبي –صلى الله عليه وسلم- (أخذ الراية زيد فأصيب, ثم أخذها جعفر فأصيب, ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب) وإن عيني رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لتذرفان, (ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرةٍ ففتحَ له). رواه البخاري, كتاب الجنائز, باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه, برقم (1246).
وعند أحمد الأمر بالاستغفار لهم بقوله: (فاستغفروا له –فاستغفر له الناس-). قال الشيخ الألباني "إسناده حسن". أحكام الجنائز (ص47).
وفي لفظٍ آخر (نعى النبي –صلى الله عليه وسلم- جعفراً وزيداً قبل أن يجيء خبرهم وعيناه تذرفان). رواه البخاري برقم (3630).
الحديث الثالث: عن عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- قال: "مات إنسانٌ–كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده- فمات بالليل فدفنوه ليلاً, فلما أصبح أخبروه, فقال: (ما منعكم أن تُعلموني؟) قالوا: كان الليلُ فكرهنا -وكانت الظلمة- أن نشقَّ عليك, فأتى قبره فصلى عليه). رواه البخاري, كتاب الجنائز, باب الإذن بالجنازة, برقم (1247).
وفي حديث آخر نحوه عن المرأة السوداء التي كانت تقمُّ المسجد-أي تنظفه- .... الحديث. فقال النبي –صلى الله عليه وسلم- (هلا كنتم آذنتموني؟) رواه البخاري برقم (458).
بعض الآثار في المسألة:
- أورد عبد الرزاق في مصنفه عن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه- قال: "لاتؤذنوا بي أحدا حسبي من يحملني إلى حفرتي".
- وأورد أيضاً عن علقمة بن وقاص الليثي أنه قال: " إذا كان من يحمل الجنازة فلا تؤذن أحداً مخافة أن يقال ما أكثر من اتبعه".
- وأورد عن حماد عن إبراهيم النخعي قال: " لا بأس إذا مات الرجل أن يؤذن صديقه إنما كانوا يكرهون أن يطاف به في المجالس أنعي فلانا كفعل الجاهلية".
انظر هذه الآثار في (مصنف عبد الرزاق ج3/ص390).
¥