[كتاب (البرهان المعتبر على بطلان الجمع في المطر)]
ـ[أبو إبراهيم المكي]ــــــــ[12 - 11 - 08, 07:30 م]ـ
هذا كتاب (البرهان المعتبر على بطلان الجمع في المطر) للعبد الفقير كاتب هذه السطور. أضعه بين أيديكم في حلقات متتالية.
نسأل الله أن ينفع به كاتبه وقارئه وجميع المسلمين.
ـ[أبو إبراهيم المكي]ــــــــ[12 - 11 - 08, 07:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فإنَّ الناظر في أحوال المصلين في (فصل الشتاء)؛ يرى العجب العجاب!! من اكتظاظ المساجد بهم من كلِّ حدب وصوب؛ للجمع بيْنَ الظُّهر والعصر، والمغرب والعشاء: في المطر والصَّحْوِ، وفي الليل والنهار على حدٍّ سواء .. ملفقين في ذلك بين أقوال العلماء!!
حيث إنَّ منهم مَن اشترط في جواز الجمع بين الصلاتين في الحضر: إيقاع تكبيرة الإحرام، مع نزول المطر ..
وبعضهم اكتفى بوجود الطين والبلل ..
وبعضهم أجازه في صلاة الليل دون صلاة النهار ..
وبعضهم أجازه فيهما معاً ..
إلى غير ذلك من الأقاويل ..
فانظر إلى هذا التلفيق بعين الهدى، ثم احكم عليه بموافقة الهوى، وسمِّهِ إن شئتَ بمذهب "العوام" أو "أهل الرَّدى"!!
ورحم الله سليمان التيمي إذ يقول: «لو أخذت برخصة كل عالم ـ أو زلة كل عالم ـ اجتمع فيك الشر كله»، وقال بعض السلف:: «إذا أخذتَ برخصة العلماء كان فيك شرّ الخصال»، وقال إبراهيم بن أدهم:: «من حمل شاذّ العلماء حمل شرّاً كبيراً» (1).
هذا .. وقد كره الإمام مالك ـ رحمه الله ـ الجمع بين الظهر والعصر ـ مع أنه من القائلين بجواز الجمع في المطر!! ـ «وإنما كَرِهَهُ لأنَّ الغالبَ من أحوال الناس تصرفهم في معايشهم وأسواقهم وزراعاتهم وغير ذلك من متصرفاتهم في وقت المطر والطين، لا يمتنعون من شيء من ذلك بسببهما، فَكَرِهَ أن يُمتنع مع ذلك من أداء الفرائض ـ وهي عماد الدين ـ في أوقاتها المختارة لها، ولا يُمتنع لأجله من السعي في أمور الدنيا، وليس كذلك المغرب والعشاء، فإنه ليس بوقت تصرف، وإنما يتصرف من الجمع بين الصلاتين إلى السكون في منزله والراحة فيه مع أن مشقته بالنهار أخف؛ لأن له من ضوء النهار ما يستعين به على المشي وتوقي الطين وذلك متعذر مع ظلام الليل، وبه قال أحمد بن حنبل» (2).
قلت: وهذا من فقهه ـ رحمه الله ـ، ولو أنَّه عاش في هذا الزمان؛ لكره الجمع بين المغرب والعشاء أيضاً، وذلك لما يرى من تغيُّرِ الحال حتّى أصبح الليل كالنهار في التصرف في المعايش والأسواق، فضلاً عن تَعْبيدِ أكثر الطرق وإنارتِها وعدم وجود الطِّينِ والدَّحضِ فيها ...
ثم أما بعد:
فقد عزمتُ على إخراج هذا الكتاب لبيان عدم جواز الجمع بين الصلاتين في الحضر مطلقاً، إلا نوعاً واحداً من الجمع: وهو (الجمع الصُّوري)؛ فيجوز مطلقاً متى احتيج إليه ...
وقد أفدتُ فيه من العلماء الذين سطروا بكلماتهم حكم هذا النوع من الجمع؛ قائدهم: الحجج الدامغة، والبراهين الساطعة: من الشَّرع المنزَّل.
ذكرتُ فيه:
* تخريج حديث ابن عباس المشهور: في جمع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالمدينة.
* ثم وجه استدلال المخالفين بحديث ابن عبَّاس.
* ثم نقض هذا الاستدلال من النَّاحية الأصولية، والأدلة النقلية، وأقوال العلماء المرضية.
* ثم كشف شبهات المخالفين.
ثم ختمتُ الكتاب ببيانِ أمرين اثنين:
أحدهما: هل تصح صلاة مَنْ أتى بها في غير وقتها المشروع، كمَنْ جمع بين الصلاتين في الحضر؟
والأمر الثاني: بيان الرخصة الشرعية في المطر، ونحوه ..
وأسميتُه: «البرهان المعتبر على بطلان الجمع في المطر».
«فلينعم الناظر فيه النظر، وليوسع العذر؛ إنَّ اللبيب مَنْ عذر؛ فلقد سنح بالبال على غاية من الإعجال .. ويأبى الله العصمة لكتاب غير كتابه، والمنصف من اغتفر قليل خطأِ المرء في كثير صوابه» (3)
فيا رب اغفر لمن كاتبه ... وعم به يا رب من قال آمينا
إن تجد عيباً فسدَّ الخللا ... جلَّ مَنْ لا عيب فيه وعلا
¥