تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الآداب العملية والقولية أدبار الصلوات المكتوبة ... الحلقة الثالثة]

ـ[أبوعبدالله عمر صبحي]ــــــــ[23 - 11 - 08, 10:34 م]ـ

الحلقة الثالثة: في رفع الصوت بالذكر أدبار الصلوات المكتوبة، واختلاف العلماء في هذه المسألة.

بقي علينا أن نتكلم عن مسألتين اثنتين في ختام هذه الآداب والأذكار بعد الصلوات المكتوبات:

المسألة الأولى: هل يستحب رفع الصوت بالذكر عقب المكتوبات أم المستحب الإسرار به كالدعاء؟

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين اثنين:

القول الأول: أنه لا يستحب رفع الصوت بالذكر عقب الصلوات المكتوبات، وهذا القول نقله ابن بطال في شرحه على البخاري عن الأئمة الأربعة، بل ذكر أنَّه لم يجدْ استحباب الرفع عن أحد من الأئمة، ونقل عن الفقهاء أنهم كرهوا الرفع، وحكاه ابن رجب في فتحه عن أكثر العلماء وأنهم يرون أن الأفضل الإسرار بالذكر عقب المكتوبات، وهو قول طائفة كبيرة من محققي المذاهب، سيأتي ذكرهم من خلال عرض أدلة أصحاب القول الأول، واستدل أصحاب هذا القول بأدلة، منها:

1. قوله تعالى: "وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ" /205 الأعراف، والشاهد من الآية (في نفسك)، (ودون الجهر من القول)، قال القرطبي في تفسيره على هذه الآية: "ودل هذا على أن رفع الصوت بالذكر ممنوع" ا. ه، وذكر ابن رجب في فتحه استدلالهم بعموم هذه الآية على أن الأفضل الإسرارُ بالذكر مطلقا.

2. ما رواه الشيخان من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فكنَّا إذا علونا كبَّرنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أيها الناس ارْبَعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبا ولكن تدعون سميعا بصيراً " -اربعوا: بهمزة وصل وفتح الباء، أي: ارْفُقُوا واشفقوا-، واستدل بهذا البيهقي في سننه (2/ 183 - 184) فقال: (باب الاختيار للإمام والمأموم في أن يخفيا الذكر)، ثم ذكر حديث أبي موسى رضي الله عنه، وقال النووي في شرح مسلم عن حديث أبي موسى رضي الله عنه "فيهِ: النَّدْب إِلَى خَفْض الصَّوْت بِالذِّكْرِ إِذَا لَمْ تَدْعُ حَاجَة إِلَى رَفْعه، فَإِنَّهُ إِذَا خَفَضَهُ كَانَ أَبْلَغَ فِي تَوْقِيره وَتَعْظِيمه، فَإِنْ دَعَتْ حَاجَة إِلَى الرَّفْع رَفَعَ، كَمَا جَاءَتْ بِهِ أَحَادِيث".

3. أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم لم يكونوا بعد وفاته يرفعون أصواتهم بالذكر عقب التسليم فتركوه خشية أن يظنَّ من قَصُرَ علمُه أنه مما لا تتم الصلاة إلا به، ودليل ذلك قول ابن عباس رضي الله عنه كما في الصحيحين:" أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم "، فهذا يدل أنه لم يكن يفعل ذلك الصحابة رضي الله عنهم حين حدَّثَ ابنُ عباس بهذا الحديث؛ إذ لو كان يُفْعَلُ ذلك الوقت لم يكن لقوله كان يُفْعَلُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم معنى، ولذلك كرهه من الفقهاء من كرهه، وحكم عليه بعض السلف من التابعين بالبدعة كعَبِيدَة السلماني، وأنكر الإمام مالك التكبير في الثغور والعسكر بعد الصلوات ورفع الصوت به، وهذا كله من كلام ابن بطال في شرحه على البخاري حتى قال عن حديث ابن عباس رضي الله عنه المتقدم في رفع الصوت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم: " ولم أجد من الفقهاء من يقول بشىء من هذا الحديث إلا ما ذكره ابن حبيب فى الواضحة قال: يستحب التكبير فى العساكر والثغور بأثر صلاة الصبح والعشاء تكبيرًا عاليًا ثلاث مرات، وهو قديم من شأن الناس، وروى ابن القاسم عن مالك فى العتبية قال: التكبير خلف الصلوات الخمس بأرض العدو محدث أحدثه المسودة، وكذلك فى دبر الصبح، والمغرب فى بعض البلدان " ا. ه، وأثر عَبِيدَة السلماني أخرجه عنه ابن أبي شيبة (1/ 338) وعبد الرزاق في المصنف (2/ 245) بسند صحيح عن أبي البختري -سعيد بن فيروز الطائي الكوفي الثقة الثبت- قال: "مررت أنا وعَبِيدَةُ في المسجد ومصعب -وهو ابن الزبير أمير العراق لأخيه عبد الله- يصلي بالناس فلما انصرف قال: لا إله إلا الله والله أكبر رفع بها صوته فقال: عَبِيدَةُ قاتله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير