تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[نظرة عابرة من وراء الردود في كتاب "افعل ولا حرج"]

ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[27 - 11 - 08, 02:37 م]ـ

نظرة عابرة

من وراء الردود

في كتاب:

"افعل ولا حرج"

إعداد:

فؤاد بن يحيى بن هاشم

1429هـ

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

عمد الشيخ الفاضل/ سلمان بن فهد العودة، في كتابه "افعل ولا حرج" إلى فتح باب الرخصة في الحج إلى حدود واسعة، وقد لقي هذا الكتاب رواجاً كبيراً، بيد أنه لم يكن محل قبول لدى كثير من الأوساط العلمية في مدرسة يفترض أن الشيخ سلمان العودة ينتمي إليها، ويلتزم بحدودها، وقد توالت الردود تباعاً على هذا الكتاب؛ لتبين ما في الكتاب من خطأ، لاسيما ما كان في المنهج، حيث يرى أصحاب هذا الفريق أن في الكتاب انحرافاً عن المسار إن كان في التقرير وإن كان في النتيجة.

وسأحاول بعون الله وتوفيقه أن أبين في هذه الورقات أموراً ثلاثة:

الأمر الأول: تقارير موجزة عما اشتمل عليه الكتاب.

الأمر الثاني: بيان مواطن الخلل في الردود التي قصدت الرد على الكتاب. (1)

الأمر الثالث: الملاحظات الرئيسية على الكتاب.

كما أؤكد أن ما أقصده أساساً مِن وراء هذه الورقات:

هو المحافظة على أمرين اثنين:

1) المحافظة على تعظيم حدود الله وشعائرة وحرماته، لاسيما في الحج الذي ورد في خصوصه هذا التعظيم فيه.

2) المحافظة على مدرسة التيسير في الشريعة، وفي الحج خصوصا، لاسيما عند وقوع الحرج، كما هو الواقع اليوم، وبيان أن التيسير هو وصف لازم ومطرد في الشريعة، وليس هو كما يظن بعض الناس أن الشريعة بين التشديد والتيسير، بل هي مدرسة التيسير نفسها، وهي لا تمت أبداً من قريب ولا من بعيد إلى التشديد بصلة، وأن الإصر والأغلال اللذين كانا في الأمم السابقة قد وضعا عن هذه الأمة قطعاً.

هذا أمر، أمر آخر: أن مدرسة التيسير هذه ليست هي مدرسة التسيب والانفلات، بل هي مدرسة لها قواعدها ورسومها، وقيودها وضوابطها، وسنحرص – ونسأله سبحانه العون – أن نبين أمارات هذه المدرسة مِنْ على فجاج منى وعرفات، كل ذلك من خلال المنطلقات الأصولية.

و الملاحظ على مدرسة المقاصد التي دوَّنت ملاحظاتها في هذا الباب بدءا من الجويني والغزالي ومرورا على الرازي والعز والقرافي وابن تيمية وابن القيم وانتهاء بالشاطبي: أنها كانت مدرسة ظاهرة جداً في اعتبار التيسير إلا أنها كانت مدرسة منضبطة في حدود القواعد الأصولية.

بينما نجد اليوم أن كثيرا من الاطروحات لا تراوح طريقتين اثنتين:

1 - الالتزام الحرفي للقاعدة الأصولية.

2 - إطلاق العنان للكليات المقاصدية من غير أي التزام بقوانين القاعدة الأصولية.

والحقُّ أن الحقَّ بينهما، وهو نظم القواعد الأصولية ضمن الكليات المقاصدية، والعكس صحيح أيضاً باعتبار التفاصيل، وباعتبار الاستثناء.

ولا أدَّعي أبداً تحقيق هذه الطريقة، فهي طريقة أسهل ما فيها الادعاء، بينما تصوّر تطبيقها هو من الصعوبة بمكان، فضلا عن تحقيقها.

وأنبه أيضاً إلى حقيقة ربما تكون غائبة بعض الشيء، وهي أن وسطية الشريعة أوجبت ذم أمرين اثنين:

1 - تتبع الرخص، وهذا معروف، والبلية به ظاهرة.

2 - تتبع الأشد، وهذا ربما يخفى على بعض طلبة العلم، فيقع الوهم أنه هو الورع، أو أنه هو الأسلم، أو أنه هو مقتضى الديانة، لاسيما في ما جدَّ مِن المسائل، حتى صار كالناموس المطرد أنه كلما طرأ أمر مما تتعلق به حاجات الناس، وتصدَّى له علماء الشريعة غلب عليهم الأخذ بالاحتياط والشدة، ثم لا يلبثون شيئا فشيئا، حتى يؤول الخلاف في المسألة سطراً من التاريخ، وأقرب مثالٍ على هذا مسائل الحج نفسها، ولك أن تتبع ما جدَّ من مسائله بدءا من المقام، ومرورا بطوابق المسعى، واليوم توسعته، وانتهاء برمي الجمرات، ولا نزال نذكر ردود العلماء على من أجاز الرمي ليلاً، ثم آلت المسألة إلى قولين، ثم علِّقت بالحاجة، أما اليوم فهل تسمع لها من صدىَ؟.

وقد علَّق بعضُ العلماء على نسخة من نسخ الموافقات المخطوطة، فقال:

"إن عامل الورع في مسائل الخلاف الآخذ بالأشد، وتتبع الأشد أبدا لمذهب لا يقصر عمن تتبع الرخص في الذم، فإن كان تتبع الرخص غير محمود، بل حكى ابن حزم الإجماع على أنه فسق لا يحل؛ فتتبع الشدائد غير محمود أيضا؛ لأنه تنطع ومشادة في الدين." (2)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير