تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الأخذ بالقول المرجوح عند الاقتضاء [بحث محرر للشيخ عبد الله آل خنين]]

ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[28 - 11 - 08, 02:40 ص]ـ

هذا أحد مباحث كتاب "الفتوى في الشريعة الِإسلامية" للشيخ عبد الله آل خنين، المطبوع هذا العام في مجلدين اثنين، وهو في الحقيقة كتابٌ من الطراز الأول، إن كان في تحرير العبارة وإن كان في دقة التصور، وإن كان في حسن البناء، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

والنقل كان مع بعض الاختصار


COLOR="Purple"] الأخذ بالقول المرجوح عند الاقتضاء [/ COLOR]
المراد بالأخذ بالقول المرجوح: هو إعمال المفتي قولا مرجوحاً، وترك الراجح لمقتضٍ شرعي من ضرورة أو حاجة.

حكمه:
اختلف العلماء في الأخذ بالقول المرجوح في الفتوى على ثلاثة أقوال، هي:

القول الأول: منع الأخذ والعمل بالقول المرجوح ولو كان ثم حاجة أو ضرورة.
وبذلك قال المازري (ت: 536) والشاطبي من المالكية في أحد قوليه.

وعللوا بما يأتي:
1 - أن للضرورة حكمها وهي مبينة عند الفقهاء، فمتى وقعت عولجت بما يقتضيه الحال، وقرِّر لها الحكم الكلي الملاقي لها.
2 - أن في فتح هذا الباب فتحاً لباب اتباع الهوى من غير ضرورة ولا حاجة؛ مما يؤدي إلى الحكم بالتشهي، ويخرم الانضباط في الأحكام.
3 - أن ذلك يؤدي إلى انسلاخ الناس من الدين بترك اتباع الدليل والانسياق وراء ضعيف الأقوال وشاذها، وربما أدى إلى خرق الإجماع بالتلفيق بين الأقوال.
4 - أن ذلك يؤدي إلى الاستهانة بالدين؛ إذ يصير بذلك سيالاً لا ينضبط.

القول الثاني: للمفتي الأخذ بالقول المرجوح في خاصة نفسه ولا يجوز ذلك في الفتيا.
وبذلك قال بعض المالكية وبعض الشافعية.

وعللوا: بأنه لا يصار إلى العمل بالقول الضعيف إلا عند الضرورة، والمفتي لا يتحقق الضرورة بالنسبة لغيره كما يتحققها من نفسه، فالمنع لأجل ألا تكون الضرورة محققة، لا لأجل أنه لا يعمل بالضعيف إذا تحققت الضرورة.

القول الثالث:
جواز الأخذ والعمل في الفتيا بالقول المرجوح عند الاقتضاء من ضرورة أو حاجة بشروط.
وبذلك قال جمهور الفقهاء من الحنفية وأكثر المالكية، وهو أحد قولي الشاطبي، وبعض الشافعية وهو مذهب الحنابلة.

وعللوا بما يأتي:1 - أن للضرورة والحاجة حكمها، وتقدر بقدرها عند وقوعها.
2 - أن المكلف وافق دليلاً في الجملة.
3 - أن دليل المرجوح أقوى في مراعاة الحال التي استدعته.

وأذكر بعض أقوال العلماء من أصحاب القول الثالث فيما يلي:
أولاً المذهب الحنفي:

يقول ابن عابدين: "إنه إذا اتفق أبو حنيفة وصاحباه على جواب لم يجز العدول عنه إلا لضرورة".

وقال – أيضا بعد إيراد الخلاف في الحكم على الغائب -: "فالظاهر عندي أن يتأمل في الوقائع، ويحتاط، ويلاحظ الحرج والضرورات، فيفتي بحسبها جوازاً أو فساداً ....
[وأورد مثالا ثم عقب عليه بقوله:]
فينبغي أن يحكم عليه وله، وكذا للمفتي أن يفتي بجوازه دفعاً للحرج والضرورات، وصيانة للحقوق عن الضياع."

ثانياً: المذهب المالكي:1 -
يقول العلمي: "ولم يزل أهل الفتوى والقضاء يختارون الفتوى بقول شاذ ويحكمون به لدليل ظهر لهم في ترجيحه .... "

2 - يقول ابن عاشور: "وقد يقع الإغضاء عن خلل يسير ترجيحا لمصلحة تقرير العقود كالبيوع الفاسدة إذا طرأ عليها بعض المفوِّتات المقررة في الفقه، وقد كان الأستاذ أبو سعيد بن لب مفتي حضرة غرناطة في القرن الثامن يفتي بتقرير المعاملات التي جرى فيها عرف الناس على وجه غير صحيح في مذهب مالك إذا كان لها وجه ولو ضعيفا من أقوال العلماء". وهذا فيه اعتبار مصلحة استقرار العقود والمعاملات.

3 - يقول ابن سلمون: "إلا أنه قد يلوح للحاكم في النازلة وجه الصواب مما يتضح عنده من دلالته وأحكامه وأسبابه وبراءة المطلوب لخيره، وبعده عن المطلب الذي طلبه به مع عذر الشبهة والخلطة، فإذا كان كذلك عمل بحسبه في إسقاط اليمين من غير هوى يكون له فيها أو حيف يعلمه الله منه فلا حرج عليه."

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير