تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما استبدال الأضحية: فقد سئل مالك عن ذلك، فقال: " لا يبدلها إلا بخير منها " اهـ من " المدونة " (2/ 3).

وسئل أحمد عن استبدال الأضحية بخير منها , فقال: " لا بأس " اهـ من " سؤالات عبدالله " (ص266) برقم (987).

واستُدِلَّ لِمَن قال بذلك بحديث جابر: أن رجلا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وقال: يا رسول الله , إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس , قال: " صل هاهنا " – يعني في مكة , لأنها أفضل من بيت المقدس – فأعاد عليه , قال: " صل هاهنا " فأعاد عليه , قال: " فشأنك إذن " أخرجه أبو داود , والدارمي , وأحمد , وغيرهم , وقد صححه شيخنا الألباني - حفظه الله - في " الإرواء " (972).

ومنع الشافعي من إبدالها , ولو بألف مثلها اهـ من " الأم " (2/ 349 - 350) بحجة أنه أوجبها , فلا يجوز إبدالها.

والصواب: ما ذهب إليه الجمهور , إذا كان سيبدلها بخير منها، أما إن كان سيبدلها بأقل منها فلا , وإن كان سيبدلها بمثلها , فلا فائدة فيه , ومن نوى بذلك حيلة فاسدة؛ فالله عز وجل لا تخفى عليه خافية، والله أعلم.

(فائدة):

هذا في حكم الأضحية , أما الهدي فالراجح أنه يتعين بالنية , والتقليد , والإشعار , لأنهما فعلان دالان على التعيين، والتقليد: هو أن يعلق النعال والثياب الخليقة في عنق البهيمة، والإشعار: هو أن يشق سنام البعير حتى يخرج الدم , ويسيل على الشعر , فمن رأى ذلك عرف أنه مرسل لفقراء الحرم. انظر " الشرح الممتع " (7/ 506) لشيخنا محمد بن صالح العثيمين - حفظه الله -) اهـ.

السؤال:

رجل اشترى أضحية , وأوجبها على نفسه , ثم طرأ عليها عَيْبٌ بَيِّن , كالعَوَر , أو العَرَج , ونحو ذلك , فهل يضحي بها على هذا الحال , أم لا؟

الجواب:

(ذهب جماعة من العلماء منهم: مالك , والشافعي إلى أن الأضحية بهذا الحال تجزئ , انظر " المدونة " (2/ 4 - 5) و" الأم " (2/ 352) وهو قول أحمد , كما في " سؤالات صالح بن أحمد " (3/ 33/1267).

وذهب الحنفية إلى أنها لا تجزئ , كما في " المغني " (11/ 103).

واستدل الجمهور بأدلة أقواها حديث ابن عباس عند مسلم (2/ 962) برقم (1325) وحديث ناجية الأسلمي عند أبي داود (1762) والترمذي (910) وغيرهما، وحديث أبي قبيصة عند مسلم برقم (1326) ولفظ حديث ابن عباس: " بعث رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بست عشرة بدنة مع رجل , وأمَّره فيها – أي جعله وكيلاً له لينحرها بمكة – قال: فمضى , ثم رجع , فقال: يا رسول الله , كيف أصنع بما أُبْدِع عليّ منها – أي وقف بالضلاع – قال: " انحرها , ثم اصبغ نعليها في دمها , ثم اجعله على صفحتها , ولا تأكل منها أنت ولا أحد من رفقتك ". ورواية ناجية الأسلمي بلفظ: " إن أعطب منها شيء؛ فانحره , ثم أصبغ نعله في دمه , ثم خَلِّ بينه وبين الناس ".

قالوا: فهذا هَدْيُ التطوع لما أوجبه رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وعينه بتقليده وإشعاره وإرساله , فإن عطب قبل بلوغه محله أجزأ , فكذا الأضاحي؛ إذ لا فرق بينهما في ذلك.

وقد جاء عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه قال: " من أهدى بدنة , ثم ضلت , أو ماتت؛ فإنها إن كانت نذر أبدلها , وإن كانت تطوعًا: فإن شاء أبدلها , وإن شاء تركها " أخرجه مالك في " الموطأ " (866) عن نافع عنه موقوفا - ولا يصح رفعه -.

وبنحوه قال ابن عباس - دون ذكر النذر - وسنده صحيح , أخرجه مالك برقم (863) وغيره.

وبنحو ذلك عن سعيد بن المسيب وابن جبير , وسندهما صحيح.

فهذه الأحاديث والآثار , تدل على أن من أهدى هدي تطوع , وعطب قبل بلوغه فقراء الحرام؛ فلا يلزمه بدل , وقد أجزأ عنه , ولا يأكل منه ولا أحد من رفقته , خشية أن يسعوا في عطبه - ولو من بعيد - ليستفيدوا منه، وأما الأضحية فالمضحي يأكل منها , بإباحة الشرع له ذلك.

واستدل من منع من ذلك بأن الأضحية إذا كانت معيبة وقت الذبح فلا تجزئ , ولولا ما سبق من أحاديث وآثار؛ لكن هذا القول وجيها , ولكن إذا نطق الأثر, سكت النظر.

وقد فرق شيخنا ابن عثيمين - حفظه الله - بين الواجب بالتعيين, والواجب في الذمه قبل التعيين , فجعل الأول مجزئًا , والثاني غير مجزئ , انظر " الشرح الممتع " (7/ 515 - 517).

(فائدة): هذا كله إذا كان العيب بينا , وكان المضحي بريء العهدة من هذا العيب , أما إذا كان متسببًا في ذلك؛ فإنها لا تجزئ , كما في

" شرح الزركشي " (4/ 301).

(فائدة أخرى): إذا ضاعت الأضحية , أو سُرِقَتْ قبل وقت الذبح , بعدما أوجبها المضحي: فإن كان قد نذر أضحية في ذمته؛ فعليه البدل , وإن كان نذرها بعينها لا في الذمة؛ فلا يلزم البدل , لأنها غير واجبة في الأصل , ويستحب له البدل , انظر " الأم " (2/ 352).

فإن اتخذ أخرى فذبحها , ثم وجد الأولى؛ فلا يلزمه ذبح الأولى , كما في " المدونة " (2/ 5) وقد رجَّح ذلك شيخنا ابن عثيمين - حفظه الله - في " الشرح الممتع " (7/ 517) وذكر أنه إذا كان يجوز أن يبدلها بخير منها , وهي حاضرة , فكذلك إذا كانت هاربة من باب أولى ... اهـ. وذهب بعضهم إلى ذبح الأصل والبدل , والظاهر أن ذلك لا يجب , والله أعلم) اهـ.

منقول.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير