تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقبضه عن يد ضامنه بغير إذن مالكه، فإن كان الآكل عالما بالغصب، استقر الضمان عليه، لكونه أتلف مال غيره بغير إذن عالما من غير تغرير، وإذا ضمن الغاصب رجع عليه، وإن ضمن الآكل لم يرجع على أحد، وإن لم يعلم الآكل بالغصب، استقر الضمان على الآكل في رواية؛ لأنه ضمن ما أتلف، فلم يرجع به على أحد، وفي رواية أخرى وهي ظاهر كلام الخرقي: يستقر الضمان على الغاصب؛ لأنه غر الآكل وأطعمه على أنه لا يضمنه.

تملك الغاصب المغصوب بالضمان: 30 - للفقهاء اتجاهان في تملك الغاصب الشيء المغصوب بالضمان. فقال الحنفية: يملك الغاصب الشيء المغصوب بعد ضمانه من وقت حدوث الغصب، حتى لا يجتمع البدل والمبدل في ملك شخص واحد، وهو المالك، وينتج عن التملك أن الغاصب لو تصرف في المغصوب بالبيع أو الهبة أو الصدقة قبل أداء الضمان ينفذ تصرفه، كما تنفذ تصرفات المشتري في المشترى شراء فاسدا، وكما لو غصب شخص عينا فعيبها، فضمنه المالك قيمتها، ملكها الغاصب؛ لأن المالك ملك البدل كله، والمبدل قابل للنقل، فيملكه الغاصب؛ لئلا يجتمع البدلان في ملك شخص واحد، لكن لا يحل في رأي أبي حنيفة ومحمد للغاصب الانتفاع بالمغصوب، بأن يأكله بنفسه أو يطعمه غيره قبل أداء الضمان، وإذا حصل فيه فضل يتصدق بالفضل استحسانا، وغلة المغصوب المستفادة من إركاب سيارة مثلا لا تطيب له، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبح الانتفاع بالمغصوب قبل إرضاء المالك، لما في حديث رجل من الأنصار: {أن امرأة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجيء بالطعام فوضع يده، ثم وضع القوم فأكلوا، فنظر آباؤنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوك لقمة في فمه، ثم قال: أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها فأرسلت المرأة قالت: يا رسول الله، إني أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة، فلم أجد، فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة أن أرسل إلي بها بثمنها فلم يوجد، فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إلي بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطعميه الأسارى}. فقد حرم عليهم الانتفاع بها، مع حاجتهم إليها؛ ولو كانت حلالا لأطلق لهم إباحة الانتفاع بها. وقال أبو يوسف وزفر: يحل للغاصب الانتفاع بالمغصوب بالضمان، ولا يلزمه التصدق بالفضل إن كان فيه فضل؛ لأن المغصوب مملوك للغاصب من وقت الغصب، عملا بالقاعدة: " المضمونات تملك بأداء الضمان مستندا إلى وقت الغصب " فتطيب بناء عليه غلة المغصوب للغاصب. وقال المالكية: يملك الغاصب المغصوب إن اشتراه من مالكه أو ورثه عنه، أو غرم له قيمته بسبب التلف أو الضياع أو النقص أو نقص في ذاته، لكن يمنع الغاصب من التصرف في المغصوب برهن أو كفالة خشية ضياع حق المالك، ولا يجوز لمن وهب له منه شيء قبوله ولا الأكل منه ولا السكنى فيه، مثل أي شيء حرام. أما إن تلف المغصوب عند الغاصب أو استهلكه (فات عنده) فالأرجح عندهم أنه يجوز للغاصب الانتفاع به، لأنه وجبت عليه قيمته في ذمته. فقد أفتى بعض المحققين بجواز الشراء من لحم الأغنام المغصوبة إذا باعها الغاصب للجزارين، فذبحوها؛ لأنه بذبحها ترتبت القيمة في ذمة الغاصب، إلا أنهم قالوا: ومن اتقاه فقد استبرأ لدينه وعرضه، والمعنى أن الغاصب يتملك بالضمان الشيء المغصوب من يوم التلف. وقال الشافعية: إن ذهب المغصوب من يد الغاصب وتعذر رده كان للمغصوب منه المطالبة بالقيمة لأنه حيل بينه وبين ماله، فوجب له البدل كما لو تلف المال، وإذا قبض المغصوب منه البدل ملكه لأنه بدل ماله فملكه كبدل التالف، ولا يملك الغاصب المغصوب لأنه لا يصح تملكه بالبيع، فلا يملك بالتضمين كالتالف. فإن رجع المغصوب وجب على الغاصب رده على المالك، فإذا رده وجب على المغصوب منه رد البدل؛ لأنه ملكه بالحيلولة بينه وبين ماله المغصوب، وقد زالت الحيلولة فوجب الرد. وذهب الحنابلة: إلى أنه لا يملك الغاصب العين المغصوبة بدفع القيمة؛ لأنه لا يصح أن يتملكه بالبيع لغيره؛ لعدم القدرة على التسليم، فلا يصح أن يتملكه بالتضمين، كالشيء التالف لا يملكه بالإتلاف؛ ولأنه غرم ما تعذر عليه رده بخروجه عن يده، فلا يملكه بذلك، وليس هذا جمعا بين البدل والمبدل؛ لأن المالك ملك القيمة لأجل الحيلولة بينه وبين ملكه، لا على سبيل العوض، ولهذا إذا رد المغصوب إليه، رد القيمة عليه.

نفقة المغصوب: 31 - قال المالكية: ما أنفق الغاصب على المغصوب، كعلف الدابة، وسقي الأرض وعلاجها وخدمة شجر ونحو ذلك مما لا بد للمغصوب منه، يكون في نظير الغلة التي استغلها الغاصب من يد المغصوب؛ لأنه وإن ظلم لا يظلم. فإن تساوت النفقة مع الغلة فواضح، وإن زادت النفقة على الغلة، فلا رجوع للغاصب بالزائد، كما أنه إذا كان لا غلة للمغصوب، فلا رجوع له بالنفقة لظلمه، وإن زادت الغلة على النفقة فللمالك الرجوع على الغاصب بزائدها. وقال الحنابلة: إن زرع الغاصب الأرض المغصوبة وأدركها ربها والزرع قائم فليس له إجبار الغاصب على قلعه، ويخير مالك الأرض بين ترك الزرع إلى الحصاد بأجرة مثله وبين أخذ الزرع بنفقته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: {من زرع في أرض قوم من غير إذنهم فليس له من الزرع شيء، وله نفقته}.

http://feqh.al-islam.com/Display.asp?DocID=100&MaksamID=2171&ParagraphID=12782&Sharh=0

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير