[عدد النفخات]
ـ[أبو محمد الموحد]ــــــــ[06 - 03 - 04, 03:50 م]ـ
تكلم العلماء في عدد النفخات فالبعض قال: اثنتان، ومنهم القرطبي في التذكرة، وبعضهم قال ثلاث ومنهم ابن كثير في النهاية. . .
قال ابن كثير: وأما النفخات في الصور فثلاث نفخات: نفخة الفزع، ثم نفخة الصعق، ثم نفخة البعث، واستدل بحديث الصور – وسنذكره إن شاء الله – ثم ذكر حديث أبي هريرة المتقدم* ثم قال وهاتان النفختان هما والله أعلم نفخة الصعق ونفخة القيام للبعث والنشور بدليل إنزال الماء بينهما، وذكر عجب الذنب الذي منه يخلق الإنسان، ومنه يركب عنه بعثه يوم القيامة، فيحتمل أن يكون المراد منها ما بين نفخة الفزع ونفخة الصعق وهو الذي يريد ذكره في هذا المقام، وعلى كل تقدير فلا بد من مدة بين نقختي الفزع والصعق، ثم قال: وقد ذكر في حديث الصور أنه يكون فيها أمور عظام من ذلك زلزلة الأرض وارتجاجها وميدانها بأهلها وتكفيها شمالا ً ويمينًا، قال الله تعالى:
إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان ما لها يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها 1.
يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد 2.
إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة إذا رجت الأرض رجًا وبست الجبال بسًا فكانت هباء منبثًا وكنتم أزواجًا ثلاثة 3.
ولما كانت هذه النفخة أعني نفخة الفزع أول مبادئ يوم القيامة، كان اسم يوم القيامة صادقًا على ذلك كله، ثم قال ابن كثير: فأما زلزال الأرض وانشقاقها بسبب تلك الزلزلة وفرار الناس إلى أقطارها وأرجائها فمناسب أنه بعد نفخة الفزع وقبل الصعق، قال الله تعالى إخبارًا عن مؤمني آل فرعون: (* ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم 4.
قال: وتقدم الحديث عن حذيفة بن أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسّلم قال: [إن الساعة لن تقوم حتى تروا عشر آيات – فذكر حتى إلى أن قال: – وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر] 5.
وهذه النار تسوق الموجودين في آخر الزمان في سائر الأقطار إلى بلاد الشام منها وهي ببقعة المحشر والمنشر.
• وثبت في الصحيحين في حديث وهيب عن عبد الله بن طاووس عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صّلى الله عليه وسّلم " [يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين وراهبين واثنان على بعير وثلاثة على بعير وأربعة على بعير وعشرة على بعير، وتحشر بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا وتبيت معهم حيث باتوا وتصبح معهم حيث أصبحوا أو تمسي معهم حيث أمسوا] 6.
ثم ذكر أحاديث أخرى وقال: وهذه السياقات تدل على أن هذا الحشر هو حشر الموجودين في آخر الدنيا من أقطار الأرض إلى محلة، وهي أرض الشام وإنهم يكونون على أصناف ثلاثة فصنف طائعين كاسين راكبين وقسم يمشون تارة ويركبون تارة أخرى، وهم يتعاقبون على البعير الواحد، ثم قال: وهذا كله مما يدل على أن هذا في آخر الزمان، حيث الأكل والشرب والركوب على الظهر المشتري، وغيره وحيث يهلك المتخلفون منهم بالنار ولو كان هذا بعد نفخة البعث لم يبق موت، ولا ظهر يشتري ولا أكل ولا شرب، ولا لبس في العرصات.
والعجب كل العجب أن الحافظ أبا بكر البيهقي بعد روايته لهذه الأحاديث حمل هذا الركوب على أنه يوم القيامة وصحح ذلك، وضعف ما قلناه واستدل على ما قاله بقوله تعالى: (* يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردًا 7.
وكيف يصبح ما ادعاه في تفسير الآية بالحديث وفيه أن منهم اثنين على بعير وثلاثة على بعير وعشرة على بعير، وقد جاء التصحيح بأن ذلك من قلة الظهر، هذا لا يلتئم مع هذا ... . والله أعلم
تلك عجائب في الجنة يركبها المؤمن من العرصات إلى الجنات على غير هذه الصفة.
– قال: فأما الحديث الآخر .. إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلا ً كما بدأنا أول خلق نعيده، فذلك حشر غير هذا في يوم القيامة بعد نفخة البعث يقوم الناس من قبورهم حفاة عراة غرلا ً أي غير مختونين، وكذلك حشر الكافرين إلى جهنم ورداً أي عطشًا.
وقد ذكر في حديث الصور أن الأموات لا يشعرون بشيء مما وقع ذكره بسبب نفخة الفزع وإن الذين استثنوا منها إنما الشهداء لأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، فهم لا يشعرون بهولها ولا يفزعون منها، وكذلك لا يُصعقون بسبب نفخة الصعق وقد اختلف المفسرون في المستثنين منها على أقوال أحدهما: هذا كما جاء مصرحًا به فيه، وقيل غير ذلك، والله أعلم، انتهى بتصرف من النهاية.
المتفق عليه [كم بين النفختين] ..
1 – ... 1 - 5، الزلزلة.
2 – الأية 1 - 2، الحج.
3 – الآية 1 - 7،الواقعة.
4 – الآية 32 – 33،غافر.
5 – الحديث / رواه مسلم وأحمد والسنن الأربعة.
6 – الحيث: الصحيحين.
7 – الآية 85 – 86،مريم.
من منقولي