تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[إبراهيم بن أدهم]

ـ[ابوحمزة]ــــــــ[16 - 03 - 04, 07:45 ص]ـ

[إبراهيم بن أدهم]

وفيها توفي من الأعيان: إبراهيم بن أدهم، أحد مشاهير العباد، ومن أكابر من له همة عالية من العباد، وداود الطائي، أحد أئمة الصوفية، وزهير بن محمد، ويزيد بن إبراهيم التستري.

فأما إبراهيم بن أدهم بن منصور بن يزيد بن جابر، أبو إسحاق التميمي، ويقال: العجلي. فهو أحد الزهاد، أصله من بلخ وسكن الشام ودخل دمشق وروى الحديث عن أبيه، الأعمش، ومحمد بن زياد صاحب أبي هريرة، وأبي إسحاق السبيعي، وخلق.

وحدث عنه خلق منهم؛ بقية، والثوري، وأبو إسحاق الفزاري، ومحمد بن حمير، وحكى عنه الأوزاعي.

وروى ابن عساكر من طريق عبدالله بن عبد الرحمن الجزري، عن الثوري، عن إبراهيم بن أدهم، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي جالسا، فقلت: يا رسول الله، إنك تصلي جالسا، فماأصابك؟ قال: "الجوع يا أبا هريرة". قال: فبكيت، فقال: "لا تبك؛ فإن شدة يوم القيامة لا تصيب الجائع إذا احتسب في دار الدنيا"

ومن طريق بقية، عن إبراهيم بن أدهم، حدثني أبو إسحاق الهمداني، عن عمارة بن غزية، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الفتنة تجيء فتنسف العباد نسفا، وينجو العالم منها بعلمه

قال النسائي: هو ثقة مأمون، أحد الزهاد.

وذكر الأستاذ أبو القاسم القشيري في "رسالته" أن إبراهيم بن أدهم كان من أبناء الملوك، فبينما هو يتصيد إذ أتبع ثعلبا أو أرنبا، فهتف به هاتف من قربوس سرجه: ألهذا خلقت أم بهذا أمرت؟ فنزل عن فرسه وجاء إلى راعي غنم لأبيه، فأخذ جبة من صوف فلبسها، وأعطاه فرسه ولباسه وما كان معه، وذهب في البادية، فدخل مكة وصحب الثوري، والفضيل بن عياض، ودخل الشام ومات بها.

وكان يأكل من عمل يده، مثل الحصاد، وحفظ البساتين، وغير ذلك.

قال القشيري: وإنه رأى في البادية رجلا علمه اسم الله الأعظم، فدعا به بعده، فرأى الخضر، فقال: إنما علمك أخي داود اسم الله الأعظم. ثم ساقه القشيري بإسناد ضعيف لا يصح. ورواها ابن عساكر أيضا من وجه آخر ضعيف، وفيه أنه قال: إن إلياس هو علمك الاسم الأعظم.

قال القشيري: وكان إبراهيم بن أدهم كبير الشأن في باب الورع، ويحكى عنه أنه قال: أطب مطعمك، ولا عليك أن لا تقوم الليل، ولاتصوم النهار.

وقيل: كان أكثر دعائه: اللهم أنقلني من ذل معصيتك إلى عز طاعتك.

وقيل لإبراهيم بن أدهم: إن اللحم قد غلا. فقال: أرخصوه. أي لا تشتروه.

وقال بعضهم: هتف به الهاتف قائلا له من فوقه: يا إبراهيم، ماهذا العبث؟ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ اتق الله، وعليك بالزاد ليوم الفاقة. قال: فنزل عن دابته، ورفض الدنيا، وأخذ في عمل الآخرة.

وروى ابن عساكر - بإسناد فيه نظر - عن ابتداء أمر إبراهيم بن أدهم قال: بينما أنا يوما في منظرة لي ببلخ، وإذا بشيخ حسن قد استظل بفيئها، فأخذ

بمجامع قلبي، فأمرت غلامي، فطلبه فدخل، فعرضت عليه الطعام، فأبى، فقلت: من أين أقبلت؟ قال: من وراء النهر. قلت: أين تريد؟ قال: الحج. قلت: في

هذا الوقت؟ - وكان أول يوم من عشر ذي الحجة أو ثانيه - فقال: يفعل الله ما يشاء. فقلت: الصحبة. قال: إن أحببت ذلك فموعدك الليل. فلما كان الليل

جاءني فقال: قم بسم الله. فأخذت ثياب سفري، وسرنا نمشي كأنما الأرض تجذب من تحتنا، ونحن نمر على البلدان، ونقول هذه فلانة، هذه فلانة. فإذا كان

الصباح فارقني ويقول: موعدك الليل. فإذا كان الليل جاءني، فانتهينا إلى المدينة النبوية، فزرنا قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم سرنا إلى مكة فجئناها

ليلا، فقضينا الحج مع الناس، ثم رجعنا إلى الشام فزرنا بيت المقدس وقال: إني عازم على المقام بالشام. ورجعت أنا إلى بلدي بلخ أسير سير الضعفاء،

حتى رجعت إليها، ولم أسأله عن اسمه، وكان ذلك أول أمري. وروى من وجه آخر فيه نظر.

وقال أبو حاتم الرازي، عن أبي نعيم، عن سفيان الثوري قال: كان إبراهيم بن أدهم يشبه إبراهيم الخليل، ولو كان في الصحابة لكان رجلا فاضلا.

وقال عبد الله بن المبارك: كان إبراهيم رجلا فاضلا، له سرائر، وما رأيته يظهر تسبيحا ولا شيئا من عمله، ولا أكل مع أحد طعاما إلا كان آخر من يرفع يده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير