تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال أحمد: ليس به بأس، ونحوه عن ابن عدي. ووثقه ابن قانع، وابن قانع من المتساهلين. فمن هذا يتضح ضعفه كما ذهب إليه أئمة أهل العلم.

وأما قول أحمد: ليس به بأس، يعني في نفسه، فهو صدوق في نفسه، ولكنه ضعيف الحديث.

ومنها: أن الهيثم بن حنش مجهول العين، قال الخطيب في " الكفاية في علوم الرواية " (ص88):

(المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه، ولا عرفه العلماء به، ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راوٍ واحد، مثل عمرو ذي مر، وجبار الطائي، وعبد الله بن أغر الهمداني، والهيثم بن حنش. . . هؤلاء كلهم لم يرو عنهم غير أبي اسحاق السبيعي) اهـ.

ومنها: أن أبا إسحاق السبيعي مدلس، وقد عنعنه عن هذا المجهول.

ومنها: أن أبا إسحاق قد اختلط، ومما يدل على تخليطه في هذا الحديث أنه رواه تارة عن أبي شعبة (أو أبي سعيد)، وتارة عن عبد الرحمن بن سعد. وهذا اضطراب يرد به الحديث.

وأمثل ما روي في هذا الباب وأصحه على تدليس أبي إسحاق فيه، ما رواه البخاري في " الأدب المفرد " (964) قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن سعد قال: (خدرت رِجْلُ ابن عمر، فقال له رجل: أذكر أحب الناس إليك فقال محمد).

وهذه الرواية أصح ما روي، وأفادت فوائد:

الأولى: قول ابن عمر: محمد، بدون حرف النداء، والشائع عند العرب ـ كما سيأتي ـ استعمال " يا النداء " في تذكر الحبيب؛ ليكون أكثر استحضارًا في ذهن الخادرة رجله، فتنطلق.

وابن عمر عدل عن الاستعمال الشائع إلى غيره؛ لما في الشائع من المحذور.

الثانية: أن تذكره للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنه أحب الناس إليه هو الحق؛ لأنه لا يؤمن أحد حتى يكون الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين؛ بل ومن نفسه التي بين جنبيه. وهذا ما نعقد عليه قلوبنا، بهداية ربنا.

الثالثة: أن سفيان من الحفاظ الأثبات، فنقله خبر أبي إسحاق بهذا اللفظ يدل على أنه هو المحفوظ، وسواه غلط مردود.

وأما الخبر الثاني: فأخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (169)، وفي إسناده: غياث بن إبراهيم كذبوه. قال ابن معين: كذاب خبيث. ولفظه في تذكره (محمدًا) مجردٌ من حرف النداء، فلا حجة فيه، والكلام فيه على نحو ما مر في قول ابن عمر.

الأمر الثاني: في الدراية: يقال لهذا المستدل: غاية ما ذكرته أن فيه ذكرا للمحبوب، لا طلب حاجة منه أو به أن يزال ما به، ولا أن يكون واسطة لإزالة خدر الرجل، وليس فيه توسلٌ، وإلا لكان لازمًا أن من ذكر محبوبه فقد استغاث به وتوسل به في إزالة شدته، وهذا من أبطل الباطل، وأمحل المحال.

فما قوله إذا ذكر الكافرُ حبيبه فزال خدَرُ رجله وانتشرت بعد قيد وخدور؟ أفيكون توسل به؟! ويكون من يزيل الأمراض والأخدار ـ سبحانه وتعالى ـ قد قبل هذه الوسيلة؟!

وهذا الدواء ـ التجريبي ـ للخدر كان معروفًا عند الجاهليين قبل الإسلام جُرَّب فنفع، وليس فيه إلا ذكر المحبوب، وقيل في تفسير ذلك: إن ذكره لمحبوبه يجعل الحرارة الغريزية تتحرك في بدنه، فيجري الدم في عروقه، فتتحرك أعصاب الرجل، فيذهب الخدر.

وجاءت الأشعار بهذا كثيرا في الجاهلية والإسلام:

فمنها: قول الشاعر:

صبُّ محبُّ إذا ما رِجْلُه خَدَرت ** نادى (كُبَيْشَةَ) حتى يذهب الخَدَر

وقولُ الآخر:

على أنَّ رجلي لا يَزَالُ امْذِ لُها ** مقيمًا بها حتى أُجيْلَكِ في فكري

وقال كُثَيَّر:

إذا مَذَلَتْ رجلي ذكرتُكِ اشتفي ** بدعواك من مَذْلٍ بها فيهون

وقال جميلُ بثينةَ:

وأنتِ لعَيْنِيْ قُرَّةٌ حين نَلْتَقِيْ ** وذِكْرُكِ يَشفِيْني إذا خَدَرتْ رجلي

وقالت امرأة:

إذا خدرت رجلي دعوتُ ابنَ مُصْعبٍ ** فإنْ قلتُ: عبدَ اللهِ أجْلَى فتورَها

وقال الموصلي:

واللهِ ما خَدَرَتْ رجلي وما عَثَرَتْ ** إلا ذكرتُكِ حتى يَذْهبَ الخدَرُ

وقال الوليد بن يزيد:

أثيبي هائمًا كَلِفًا مُعَنَّى ** إذا خَدَرتْ له رجْلٌ دَعاكِ [" بلوغ الأرب " (2/ 320 - 321).]

وغير ذلك من الأشعار، أفيقال: إن هؤلاء توسلوا بمن يحبونه، من نساءٍ وغلمان، وأجيب سؤلهم، وقبلت وسيلتهم؟!!

وقال (ص68) معنونا: (التوسل بغير النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ).

ونقل أحاديث من " مجمع الزوائد " للهيثمي (10/ 132). والهيثمي الحافظ بَوَّب لهذه الأحاديث بقوله: (باب ما يقول إذا انفلتت دابته، أو أراد غوثا أو أضل شيئا) ساقه ضمن أبواب أدعية السفر.

وفِقْهُ الهيثمي في هذا التبويب ظاهر، وأما من بوب بـ (التوسل بغير النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ) فليس بفقيه في النصوص، وسأبين هذا.

http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=318&CID=3&SW= خدرت# SR1

ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[14 - 03 - 04, 10:38 ص]ـ

وضعف هذا الأثر الشيخ بكر أبو زيد - حفظه الله - في تصحيح الدعاء.

وصححه الشيخ عبد الله السعد - حفظه الله - أظنه في شرح التمييز، وراجعته في ذلك، وذكرت له كلام الشيخ بكر فلم يقتنع، وقال: ليس فيه محذور، لا توسل ولا غيره.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير