هل نقل إلينا كلام عنه رحمه الله تعالى يثبت به ذلك؟
قال شيخ الإسلام (16/ 140 - 141):
" وَقَالَ عبد بن حميد: حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ شيبان عَنْ قتادة: {قَدَّرَ فَهَدَى} قَالَ: " لَا وَاَللَّهِ مَا أَكْرَهَ اللَّهُ عَبْدًا عَلَى مَعْصِيَةٍ قَطُّ وَلَا عَلَى ضَلَالَةٍ وَلَا رَضِيَهَا لَهُ وَلَا أَمَرَهُ وَلَكِنْ رَضِيَ لَكُمْ الطَّاعَةَ فَأَمَرَكُمْ بِهَا وَنَهَاكُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ ".
قُلْت: قتادة ذَكَرَ هَذَا عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ لِيُبَيِّنَ أَنَّ اللَّهَ قَدَّرَ مَا قَدَّرَهُ مِنْ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ كَمَا قَالَ الْحَسَنُ وقتادة وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مُتَنَازِعِينَ فَي مَا سَبَقَ مِنْ سَبْقِ تَقْدِيرِ اللَّهِ وَإِنَّمَا كَانَ نِزَاعُ بَعْضِهِمْ فِي الْإِرَادَةِ وَخَلْقِ الْأَفْعَالِ.
وَإِنَّمَا نَازَعَ فِي التَّقْدِيرِ السَّابِقِ وَالْكِتَابِ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَبَرَّأَ مِنْهُمْ الصَّحَابَةُ كَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا.
وَذَكَرَ قتادة أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُكْرَهْ أَحَدًا عَلَى مَعْصِيَةٍ.
وَهَذَا صَحِيحٌ، فَإِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَا يُكْرِهُ أَحَدًا عَلَى مَعْصِيَةٍ كَمَا يُكْرِهُ الْوَالِي وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا لِلْمَخْلُوقِ عَلَى خِلَافِ مُرَادِهِ يُكْرِهُونَهُ بِالْعُقُوبَةِ وَالْوَعِيدِ، بَلْ هُوَ سُبْحَانَهُ يَخْلُقُ إرَادَةَ الْعَبْدِ لِلْعَمَلِ وَقُدْرَتَهُ وَعَمَلَهُ وَهُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ قتادة قَدْ يُظَنُّ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ وَأَنَّهُ لِسَبَبِ مِثْلِ هَذَا اُتُّهِمَ قتادة بِالْقَدَرِ حَتَّى قِيلَ: إنَّ مَالِكًا كَرِهَ لِمَعْمَرٍ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ التَّفْسِيرَ لِكَوْنِهِ اُتُّهِمَ بِالْقَدَرِ. وَهَذَا الْقَوْلُ حَقٌّ وَلَمْ يُعْرَفْ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ قَالَ " إنَّ اللَّهَ أَكْرَهَ أَحَدًا عَلَى مَعْصِيَةٍ ".
المسألة بحاجة إلى تحقيق ..
فقول من قال من الأئمة: " رمي بالقدر " لا يلزم منه ثبوت ذلك عنه، والله أعلم.
ـ[محمد براء]ــــــــ[03 - 05 - 08, 02:07 ص]ـ
نعم أخي الكريم هو ثابت عن قتادة، والقول بالقدر مشهور في أهل البصرة، وقتادة بصري
قتادة ليس من الذين وصفهم يحيى بن يعمر بأنهم يقرأون القرآن ويتقفرون العلم وشكاهم هو ويحيى بن يعمر لابن عمر رضي الله عنهم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[03 - 05 - 08, 08:53 ص]ـ
أحسنت وجزاك الله خيرا.
ـ[علي الكناني]ــــــــ[22 - 10 - 08, 04:18 م]ـ
قتادة ليس من الذين وصفهم يحيى بن يعمر بأنهم يقرأون القرآن ويتقفرون العلم وشكاهم هو ويحيى بن يعمر لابن عمر رضي الله عنهم.
جزاك الله خيراً
كيف عرفت ذلك أخي الكريم؟
ـ[محمد براء]ــــــــ[22 - 10 - 08, 04:26 م]ـ
جزاك الله خيراً
كيف عرفت ذلك أخي الكريم؟
لأن يحيى بن يعمر ذكر أنهم يزعمون ألا قدر وان الأمر أنف - أي لم يسبق به علم لله عز وجل -، وهذا القول تبرأ ابن عمر رضي الله عنهما من قائله، وهذا القول الذي فيه نفي علم الله بالأشياء قبل وقوعها هو قول غلاة القدرية - كمعبد الجهني- وقد كفرهم الإمام الشافعي والإمام أحمد.
ملاحظة: يراجع ما كتبه الدكتور عبد الرحمن المحمود في إبطال نسبة القول بالقدر للحسن البصري رحمه الله تعالى في كتابه: القضاء والقدر في الكتاب والسنة ومذاهب الناس فيه.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[22 - 10 - 08, 06:31 م]ـ
والقدرية على مراتب متعددة، فمنهم الغلاة الأوائل الذين كفرهم السلف مثل معبد الجهني، و منهم مالم يصل لحد الكفر، نسأل الله الحماية والعافية.
جاء في مجموع الفتاوى لابن تيمية (ج 7 / ص 385)
ولم يكن على عهد الخلفاء الراشدين أحد ينكر القدر؛ فلما ابتدع هؤلاء التكذيب بالقدر رده عليهم من بقي من الصحابة كعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وواثلة بن الأسقع: وكان أكثره بالبصرة والشام وقليل منه بالحجاز؛ فأكثر كلام السلف في ذم هؤلاء القدرية: ولهذا قال وكيع بن الجراح: القدرية يقولون: الأمر مستقبل وإن الله لم يقدر الكتابة والأعمال؛ والمرجئة يقولون: القول يجزئ من العمل؛ والجهمية يقولون: المعرفة تجزئ من القول والعمل. قال وكيع: وهو كله كفر ورواه ابن. . . .
ولكن لما اشتهر الكلام في القدر؛ ودخل فيه كثير من أهل النظر والعباد صار جمهور القدرية يقرون بتقدم العلم وإنما ينكرون عموم المشيئة والخلق. وعن عمرو بن عبيد في إنكار الكتاب المتقدم روايتان. وقول أولئك كفرهم عليه مالك والشافعي وأحمد وغيرهم. وأما هؤلاء فهم مبتدعون ضالون لكنهم ليسوا بمنزلة أولئك؛ وفي هؤلاء خلق كثير من العلماء والعباد كتب عنهم العلم. وأخرج البخاري ومسلم لجماعة منهم لكن من كان داعية إليه لم يخرجوا له وهذا مذهب فقهاء أهل الحديث كأحمد وغيره: أن من كان داعية إلى بدعة فإنه يستحق العقوبة لدفع ضرره عن الناس وإن كان في الباطن مجتهدا وأقل عقوبته أن يهجر فلا يكون له مرتبة في الدين
لا يؤخذ عنه العلم ولا يستقضى ولا تقبل شهادته ونحو ذلك. ومذهب مالك قريب من هذا ولهذا لم يخرج أهل الصحيح لمن كان داعية ولكن رووا هم وسائر أهل العلم عن كثير ممن كان يرى في الباطن رأي القدرية والمرجئة والخوارج والشيعة. وقال أحمد: لو تركنا الرواية عن القدرية لتركنا أكثر أهل البصرة وهذا لأن " مسألة خلق أفعال العباد وإرادة الكائنات " مسألة مشكلة. انتهى.
¥