تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأريد منك مشكوراً: أن تبين لي بمثال تغاير منهج المتقدمين عن المتأخرين: مثال تطبيقي، لنأخذ مثلاً: (زيادة الثقة) بين لي من حيث التأصيل اختلاف المنهجين، بمعنى أني لا أريد حديثاً فيه زيادة ثم تدرس حكمها وأقوال العلماء فيها: وإنما كيف أصّل المتقدمون تعاملهم مع زيادات الثقات وكيف أصل المتأخرون تعاملهم معها.

ربّما أثقل عليك ولكن هذا عندي غاية في الأهمية وسيحل لي كثيراً من الإشكال في تصور التفريق.

ـ[التلميذ]ــــــــ[15 - 12 - 02, 06:37 م]ـ

أقول بارك الله فيك:

أنت تقول - بعد معارضتك لتمثيلي بالأشاعرة - (((والدليل على هذا: أن كل تلك الآراء التي يخالفون فيها المتقدمين هم في الحقيقة يبنون فيها على المتقدمين ثم يخالفونهم في التطبيق، فلو جمع كل ما تميزوا فيه لم يكف في ليكون كتيباً صغيراً)))

وأنا أقول: إن مناقشتي لهذا الإشكال الذي أورتَه عليَّ سبق في النقطة التالية لها (رقم 3)، وهي أنهم يؤسسون نظرياً لمنهجهم، ويصححون على أساسه ويضعّفون، ويرد بعضهم على بعض احتكاماً إلى هذه القواعد ... الخ، فإن لم يكن هو المنهج المستقل، فماذا يُسمى؟

إني أتمنى أن تتكرم عليَّ بإعادة النظر من خلال السؤال التالي:

هل المتأخرون يوافقون المتقدمين في الأصول والقواعد النظرية حذو القذة بالقذة، ولا يكادون يختلفون إلا في تطبيق تلك القواعد؟

ولو سلّمنا بأن جوابك عن السؤال الأول بالإيجاب، وأن الأمر كذلك، فهنا سؤال آخر:

هل التزام المتأخرين التساهل في تطبيق القواعد (التي تنزلنا وافترضنا أنهم يوافقون فيها أهل القرون الأولى تماما) في تطبيقاتهم، هل هذا التساهل الذي درجوا عليه يكفي لـ " بلورة " منهج مستقل لهم لأن النتيجة أن تصحيحهم وتضعيفهم يخالف المتقدمين في جملة غير قليلة من الأحاديث، وهذه هي ثمرة علوم الحديث أصلا، فهل الأمر كذلك أم لا؟


(زيادة الثقة) _____

أذكِّر - مرة أخرى - أن حديثي معك باختصار دون تطويل في الأمثلة، فأقول:

زيادة الثقة عند المتقدمين وأئمة الصنعة - كما هو معلوم - لا تتخذ حكما واحد نمطياً في كل حال، ومع كل مخالفة، بل هي خاضعة لنظر المجتهد من خلال القرائن في كل حال، ولا يمكن أن يزعم - حسب ما بحثتُه وأثبتُه - أن أحداً من الأئمة الكبار كان عالى منهج واحد قبولا أو رداً، أو تفصيلاً موحدا لكل الحالات، بل القاعدة أن لا قاعدة في هذه المسألة.

ومن عجب أني وجدتُ بعضهم يجزم أن الإمام الدارقطني رحمه الله تعالى - مثلا - يقدم المرسل على المتصل، والموقوف على المرفوع في الجملة، وأن هذا هو الأصل عنده ... الخ، وبعد البحث الدقيق، والجمع؛ تبيّن لي أن ما في كتابه العللل من ذلك يمكن أن ينقسم إلى ثلاثة أقسام تكاد تتساوى تماماً:

القسم الأول: ما جزم فيه بصحة المرسل أو الموقوف، ووهّن الرواية المخالفة.

القسم الثاني: ما جزم فيه بأن الزيادة مقبولة، لأنها زيادة ثقة (بهذا التعبير غالباً).

القسم الثالث: ما لم يجزم فيه بشيء، سواء أشعرت عبارته بنوع ميل لأحدى الوجهتين، أو توقف فيها دون أن يُستشعر له ميل لأحد القولين.

إذا تقرر ما سبق فإن الأئمة والحفاظ في القرون المتأخرة يميلون إلى قبول الزيادة مطلقاً في جملتهم، وطائفة منهم قليلة تميل إلى ردها مطلقاً، ومهما كان من أمر فإنك لا تكاد تجد هذا التفصيل الذي درج عليه الأئمة السابقون إلا عند قليل ممن بعدهم.

أكتفي بهذا وأنتظر طيب مشاركتك.

وإذا لم تمانع، فإني أقترح أنه بعد الانتهاء مما نحن بصدده يمكن أن تكون النقطة التالية هي: ((تحديد الفاصل بين المتقدم والمتأخر)).

ـ[العزيز بالله]ــــــــ[16 - 12 - 02, 07:36 م]ـ
أستاذي الفاضل:
لا يخفى عليك أنّ المتأخّرين الّذين أصّلوا وقعّدوا هذه القواعد إنّما قعّدوها من خلال نظرهم في كلام المتقدّمين من ائمّة الحديث وأخذوا من أقوالهم وأحكامهم على الروايات ونقدهم لها مجموعة من القواعد والأصول الّتي يرجع إليها طالب الحديث كأصل ينطلق منهه في تصوّره لمبادىء النّقد، وهذه الأصول في ظني متّفقة من حيث النّظرية مع منهج المتقدّمين وإلاّ كان ذلك تهمة لهم.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير