وإن كان الخبر في الواقع إما صواب وإما خطأ لا ثالث لهما، فإن المخاطب لا يكون قادرا على أن يشعر دائما بما هو في الواقع كما هو، مع قناعتنا التامة أن الأئمة لم يتفقوا على تصحيح ضعيف ولا على تضعيف صحيح. وقد يعرف الناقد أن الخبر صحيح أو خطأ، وقد لا يعرف هذا ولا ذاك ولا يستطيع أن ينكره في الوقت ذاته، وبحسب توافر العواضد الخارجية تتفاوت الانطباعات من ناقد إلى آخر، أو يتفاوت انطباع ناقد واحد من وقت لآخر.
تقسيم الحديث تقسيما ثلاثيا أمر واقعي لا يختلف فيه اثنان، غير أن النقاد لم يتفقوا على تسمية هذه المرتبة المتوسطة بمصطلح خاص مثل الحسن، ولهم في ذلك عبارات مختلفة ولم يكن الخطابي حين قال: الحديث عند أهله صحيح أو حسن أو سقيم، قصد بيان أن المحدثين القدامى قد حددوا هذه الأقسام بهذه التسميات، وإنما قصده بيان التقسيم الثلاثي للحديث، وأما تسمية هذه الأقسام بمصطلحات خاصة بحيث إذا أطلق مصطلح منها لا يتبادر إلى الذهن إلا ذلك المسمى فكان ذلك في العصور المتأخرة.
وأما الترمذي فلم يعرف الحسن كمصطلح عام، وإنما عرف أسلوبه في الكتاب فيما يخص هذا المصطلح. ولذا لا ينبغي التزام جادة واحدة في تحديد معنى الحسن الذي يرد في كلام النقاد، لأنهم قد يطلقون الحسن على الصحيح أيضا.
س78 / وأكرر أيضا السؤال في رايكم في كتاب تحرير التقريب؟
ج/ سبق الجواب عنه.
س79 / جاء في صحيح مسلم عن ابي سعيد الخدري قال: (بلغنا أن الصراط أحد من السيف وأدق من الشعر)،فلم يذكر مسلم الإسناد إلى أبي سعيد، فماذا نسمي هذا النقل في مسلم بلاغا، أم مرسل صحابي، مع أني رجعت الى غرر الفوائد المجموعه للرشيد العطار فلم أجده ذكر في المعلقات أو المقطوعات أو غير ذلك؟!
ج/ هذا الحديث يقال له مرسل الصحابي فإنه قال: بلغنا، وليس معلقا ولا بلاغا ولا مقطوعا، وهو متصل بالإسناد السابق، والدليل على ذلك ما ورد في آخر حديث أبي سعيد هذا:
’’وليس في حديث الليث (فيقولون ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين وما بعده) فأقر به عيسى بن حماد‘‘، وكان هذا جوابا عن سؤال مسلم لعيسى بن حماد: أخبركم الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري. (والله تعالى أعلم)
الشيخ الفاضل. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
س80/ سؤالي هو: ما هي القاعدة التي نميز بها الأصول من غيرها في الصحيحين؟ وذلك أن البعض يضعف بعض أحاديث فيهما ثم يقول هي في الشواهد ويطلب إثبات أنها في الأصول.
ج/ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،
إذا لم يستوف الحديث شروط الحديث الصحيح فهو من الشواهد، وهي بالنسبة إلى صحيح مسلم تكون في آخر الباب في الغالب، وليس معنى هذا أن كل حديث في آخر الباب فهو من الشواهد، بل قد تكون جميع أحاديث الباب من الأصول ولكن حسب المناسبة.
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[07 - 05 - 03, 11:24 ص]ـ
شيخنا المحدث الفاضل:
س81/ ما قولكم في قضية نقد المتن؟ هل كان هذا النقد من صنيع المتقدمين الأوائل؟ وهل هناك مثال نقد فيه الأوائل المتن مع كون السند لا مطعن فيه البتة؟ وجزاكم الله تعالى كل خير وأتم النفع بكم.
ج/ بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فأعتذر إخواني عن تأخري عن الإجابة على أسئلتهم، وقد كنت منشغلا طوال الأيام الماضية بعدة أمور، ولم أجد وقتا كافيا للنظر فيها، وها أنا بفضل الله أجد الآن بعض الوقت أردت أن أستغله لمخاطبتكم ومشاركتكم في هذا العمل العلمي الجليل، أسأل الله تعالى أن يجعل ذلك في ميزان حسناتنا جميعا. إنه سبحانه وتعالى أهل التقوى وأهل المغفرة.
أما عن سؤالك أخي العزيز – زادك الله علما وإخلاصا وتوفيقا – فأقول:
إن فصل الإسناد عن المتن عند النقد، لم يكن من منهج المحدثين النقاد، بل يعد ذلك أسلوب كثير من المتأخرين والباحثين المعاصرين؛ إذ كان حكهم منصبا على الإسناد دون ربطه بالمتن، لذا اشتهر عنهم القول (إسناد صحيح) أو (إسناد ضعيف) أو (إسناد حسن) بدل قولهم (حديث صحيح) و (حديث ضعيف) و (حديث حسن).
¥