وعن مالك عن نافع أنه كان يسافر مع ابن عمر البريد فلا يقصر الصلاة قال الباجي سمى الخروج إلى البريد ونحوه سفرا مجازا واتساعا ولا يطلق عليه اسم السفر حقيقة في كلام العرب ولا يفهم من قولهم سافر فلان الخروج إلى الميلين والثلاثة مع أن هذا لفظ نافع وليس من العرب وروي أنه كان في نطقه لكنة (19)
وفي مسند أحمد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال كنت مع البراء بن عازب وعمر بن الخطاب رضي الله عنه في البقيع ينظر إلى الهلال فأقبل راكب فتلقاه عمر رضي الله عنه فقال من أين جئت فقال من العرب قال أهللت قال نعم قال عمر رضي الله عنه الله أكبر إنما يكفي المسلمين الرجل قام عمر رضي الله عنه فتوضأ فمسح على خفيه ثم صلى المغرب ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع قال أبو النضر وعليه جبة ضيقة الكمين فاخرج يده من تحتها ومسح (20)
ومن القرائن ان يكون الراوي من مدينة كذا او مدينة كذا
5. كأن يكون الراوي حجازيا
تفاضل البلدان
فخير الناس اهل المدينة فان المدينة تنفي خبثها
ثم اهل مكة لانهما لا يدخلهما الدجال والدجال موسوم بالكذب والتدليس
وقال الخطيب أصح طرق السنن ما يرويه أهل الحرمين مكة والمدينة فإن التدليس عنهم قليل والكذب ووضع الحديث عندهم عزيز ولأهل اليمن روايات جيدة وطرق صحيحة إلا أنها قليلة ومرجعها إلى أهل الحجاز أيضا ولأهل البصرة من السنن الثابتة بالأسانيد الواضحة ما ليس لغيرهم مع إكثارهم والكوفيون مثلهم في أن رواياتهم كثيرة الدغل قليلة السلامة مع العلل وحديث الشاميين أكثره مراسيل ومقاطيع وما اتصل منه مما أسنده الثقات فإنه صالح والغالب عليه ما يتعلق بالمواعظ (21)
وقال ابن تيمية اتفق أهل العلم بالحديث على أن أصح الأحاديث ما رواه أهل المدينة ثم أهل البصرة ثم أهل الشام (22)
ومن القرائن ان يكون مولى لاحد من الصحابة أو قاضيا أو انه من أهل العلم او ان يسميه حافظ كالزهري و غيرها
وسنتطرق اليها لاحقا
6. وان يروى الحديث في حالة يظن انه صادقا
قال الشافعي في الرسالة
وللناس حالات تكون أخبارهم فيها أصح واحرى أن يحضرها التقوى منها في أخرى ونيات ذوي النيات فيها أصح وفكرهم فيها أدوم وغفلتهم أقل وتلك عند خوف الموت بالمرض والسفر وعند ذكره وغير تلك الحالات من الحالات المنبهة عن الغفلة (23)
الاصل في راوي الحديث العدالة
1 - ذكر الخطيب في الكفاية قول ابن عبد البر ان كل حامل علم معروف بالعناية فيه فهو عدل محمول امره على العدالة حتىيتبين جرحه لقوله صلى الله عليه وسلم يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله الحديث وضعف زين الدين العراقي استدلال ابن عبد البر بالحديث بوجهين أما الوجه الثاني هو انه لوكان بمعنى الخبر عن الشارع بان كل حامل علم عدل بخبره واجب الصدق فلو كان كذلك لم يوجد حامل علم غير عدل والواقع خلافه فثبت انه بمعنى الامر فالمراد ليحمل هذا العلم من كل خلف عدوله
واجيب على كلام العراقي الذي ذكر ه في الايضاح ان كان كذلك اي ان الواقع خلافه يحمل الخبر على التخصيص بوجود من ليس بعدل في جملة العلم فان قيل فقد آل معنى الحديث الى الاخبار ان بعض حملة العلم عدول ولزم مفهومه ان بعضهم غير عدول وبهذا لا يتم دليلا لابن عبد البر على مدعاه بان كل حامل علم فهو عدل (23)
قيل بل يتم استدلاله وذلك لان العام يعمل به على عمومه حتى يقوم دليل على تخصيصه فمن كان حامل علم فهو عدل حتى يظهر قادح في عدالته وهنا النكتة
فدلك هذا على ان الاصل في راوي الحديث النبوي العدالة
وقد خص بعضهم ان ذلك في القرون الثلاثة الاول
في جامع التحصيل
قال الرازي فإذا كان الغالب على أهل الزمان الفساد والكذب لم يقبل فيه إلا خبر من عرفناه بالعدالة والصدق والأمانة قلت فأتى ذلك أيضا أن المجهول العدالة من القرن الرابع ومن بعده لا يقبل وقد صرح بذلك الشيخ جلال الدين الخبازي أحد أئمة الحنفية أيضا في كتابه أصول الفقه واحتج بأن العدالة أصل في أهل ذلك الزمان وأما القرن الرابع وما بعده فليس الأمر كذلك لظهور الفسق وكثرة الكذب كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم (24)
ويشهد ان الاصل في راوي الحديث النبوي العدالة كذلك
2 - اجماع الصحابة على انهم كانوا متفقين في قبول خبر كل من لم يثبت عليه الكذب
¥