تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما رأيه في الراوي الضعيف، فهو يرى أن الراوي إما أن يكون ثقة أو ضعيفاً، على قسمته السابقة، ولا قسيم ثالث!

وإذا كان ضعيفاً فإن حديثه كله ضعيف لا يمكن أن يتقوى!

ومما يدل على عدم تقويته للحديث الضعيف بالمتابعات والشواهد أنني لم أره قوى ولا حديثاً واحداً بذلك!

ثم وقفت على كلام لا بن حزم صرح فيه برأيه هذا!

قال الزركشي في كتابه النكت (1/ 322): (وشذ ابن حزم عن الجمهور فقال: (ولو بلغت طرق الضعيف ألفاً لا يقوى! ولا يزيد انضمام الضعيف إلى الضعيف إلا ضعفاً!!

ثم قال الزركشي: وهذا مردود، لأن الهيئة الاجتماعية لها أثر، ألا ترى أن خبر المتواتر يفيد القطع مع أنا لو نظرنا إلى آحاده لم يفد ذلك! .. الخ).

بل يجزم في موضع آخر بأن حديث الراوي الضعيف هو من الخبر الباطل والموضوع!!

قال في الإحكام (1/ 127):

(وكذلك نقطع ونبت بأن كل خبر لم يأت قط إلا مرسلاً، أولم يروه قط إلا مجهول، أو مجرح ثابت الجرحة، فإنه خبر باطل بلا شك! موضوع لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم!!).

ولهذا يحكم أحياناً _كما هو ظاهر في كتابه المحلى _ على الأحاديث بالوضع لضعف بعض رواتها أو جهالتهم أو لإنقطاع الإسناد أو إرساله!

قال ابن القيم في الفروسية (241): (وهنا يعرض لمن قصر نقده وذوقه عن نقد الأئمة في هذا الشأن نوعان من الغلط، ننبه عليهما لعظيم فائدة الاحتراز منهما ..

النوع الثاني من الغلط: أن يرى الرجل قد تُكلم في بعض حديثه وضُعِّف في شيخ أو في حديث فيجعل ذلك سبباً لتعليل حديثه وتضعيفه أين وجد، كما يفعله بعض المتأخرين من أهل الظاهر وغيرهم.

وهذا أيضاً غلط فإن تضعيفه في رجل أو في حديث ظهر فيه غلط لا يوجب تضعيف حديثه مطلقاً، وأئمة الحديث على التفصيل والنقد، واعتبار حديث الرجل بغيره، والفرق بين ما انفرد به أو وافق فيه الثقات .. ).

وقال في زاد المعاد (1/ 364): (ولا عيب على مسلم في إخراج حديثه (أي مطر الوراق) لأنه ينتقي من أحاديث هذا الضرب ما يعلم أنه حفظه كما يطرح من أحاديث الثقة ما يعلم أنه غلط فيه. فغلط في هذا المقام من استدرك عليه إخراج جميع حديث الثقة، ومن ضعف جميع حديث سيئ الحفظ.

فالأولى طريقة الحاكم وأمثاله، والثانية: طريقة أبي محمد بن حزم وأشكاله.

وطريقة مسلم هي طريقة أئمة هذا الشأن والله المستعان).

يتبع

ـ[ابن معين]ــــــــ[07 - 03 - 03, 05:05 م]ـ

المسألة الثالثة: رأيه في زيادة الثقة.

قال ابن حزم في الإحكام (2/ 216):

(فصل في زيادة العدل.

وإذا روى العدل زيادة على ما روى غيره، فسواء انفرد بها، أو شاركه فيها غيره مثله، أو دونه، أو فوقه، فالأخذ بتلك الزيادة فرض).

وقال أيضاً بعد ذلك:

(ولا فرق بين أن يروي العدل الراوي العدل حديثاً فلا يرويه أحد غيره أو يرويه غيره مرسلا أو يرويه ضعفاء وبين أن يروي الراوي العدل لفظة زائدة لم يروها غيره من رواة الحديث، وكل ذلك سواء واجب قبوله بالبرهان الذي قدمناه في وجوب قبول خبر الواحد العدل الحافظ.

وهذه الزيادة وهذا الإسناد هما خبر واحد عدل حافظ ففرض قبولهما، ولا نبالي روى مثل ذلك غيرهما، أو لم يروه سواهما، ومن خالفنا فقد دخل في باب ترك قبول الخبر الواحد! ولحق بمن أتى ذلك من المعتزلة!! وتناقض في مذهبه، وانفراد العدل باللفظة كانفراده بالحديث كله ولا فرق .. ).

فابن حزم يقبل زيادة الثقة مطلقاً، سواء كانت في الإسناد أو المتن، وسواء كانت الزيادة مخالفة أو زائدة حكماً، وسواء كان المخالفون أكثر أو أحفظ! كل ذلك مقبول عنده!!

وما قاله ابن حزم هو قول جمهور الفقهاء والأصوليين.

قال ابن الصلاح في مقدمته: (هو الصحيح في الفقه وأصوله).

قلت: وأما أهل الحديث ونقاده فليس لهم في زيادة الثقة قول مطرد، بل ينظرون إلى القرائن في كل حديث ويرجحون بحسبها.

قال العلائي في كتابه نظم الفرائد (209): (وأما أئمة الحديث فالمتقدمون منهم كيحيى بن سعيد القطان وعبدالرحمن بن مهدي،ومن بعدهما كعلي بن المديني وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وهذه الطبقة، وكذلك من بعدهم كالبخاري وأبي حاتم وأبي زرعة الرازيين ومسلم والنسائي والترمذي وأمثالهم، ثم الدارقطني والخليلي،كل هؤلاء يقتضي تصرفهم في الزيادة قبولاً ورداً الترجيح بالنسبة إلى ما يقوى عند الواحد منهم في كل حديث، ولا يحكمون في المسألة بحكم كلي يعم جميع الأحاديث، وهذا هو الحق الصواب).

والقول بقبول زيادة الثقة مطلقاً لا يتوافق مع منهج أهل الحديث الذين يشترطون في الصحيح أن لا يكون شاذاً.

قال ابن حجر في كتابه نزهة النظر: (اشتهر عن جمع من العلماء القول بقبول الزيادة مطلقاً من غير تفصيل، ولا يتأتى ذلك على طريق المحدثين الذين يشترطون في الصحيح أن لا يكون شاذاً، ثم يفسرون الشذوذ بمخالفة الثقة من هو أوثق منه، والعجب ممن أغفل ذلك منهم مع اعترافه باشتراط انتفاء الشذوذ في حد الحديث الصحيح، وكذا الحسن.

والمنقول عن أئمة الحديث المتقدمين كعبدالرحمن بن مهدي، ويحي القطان، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والنسائي، والدارقطني، وغيرهم، اعتبار الترجيح فيما يتعلق بالزيادة وغيرها. ولا يعرف عن أحد منهم اطلاق قبول الزيادة).

يتبع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير