تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[ابن معين]ــــــــ[10 - 03 - 03, 07:12 م]ـ

المسألة الثامنة: كلامه على الرواة جرحاً وتعديلاً.

الناظر في كلام ابن حزم على الرواة يجد قلة استشهاده بأحكام أئمة الجرح والتعديل، بل عندما يذكر أقوال الأئمة مستشهداً بها فغالباً ما يكون هذا بعد أن يسوق رأيه!

وبسبب اجتهاد ابن حزم في أحكامه على الرجال دون رجوعه في كثير منها إلى أئمة هذا العلم، مع ثقته بقوة حفظه وواسع إطلاعه = وقع في أوهام كثيرة وأخطاء شنيعة.

قال ابن حجر في اللسان (4/ 198):

(وكان واسع الحفظ جداً، إلا أنه لثقة حافظته كان يهجم بالقول في التعديل والتجريح وتبين أسماء الراوة، فيقع له من ذلك أوهام شنيعة، وقد تتبع كثيراً منها الحافظ قطب الدين الحلبي ثم المصري من المحلى خاصة، وسأذكر منها أشياء).

ومما يلاحظ على أحكام ابن حزم على الرواة ما يلي:

1_ وقوع الوهم منه في تمييز الرواة.

وقد نبه على ذلك ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام، قال:

(وقد وجدنا لا بن حزم في كتابه كثيراً من ذلك، مثل تفسيره حماد بابن زيد ويكون ابن سلمة والراوي عنه موسى بن إسماعيل، وتفسيره شيبان بأنه ابن فروخ وإنما هو النحوي وهو قبيح، فإن طبقتهما ليست واحدة، وتفسيره داود الشعبي بأنه الطائي وإنما هو ابن أبي هند، ومثل هذا كثير قد بيناه وضمناه باباً مفرداً فيما نظرنا به معه كتاب المحلى).

ومن أمثلة ذلك:

ما ذكره الذهبي في الميزان (5/ 113) قال: (عكرمة بن خالد بن سعيد بن العاصي المخزومي فمكي معروف، ثقة من مشيخة ابن جريج.

أخطأ ابن حزم في تضعيفه، وذلك لأن أبا محمد فيما حكاه ابن القطان كان وقع إليه كتاب الساجي في الرجال فاختصره ورتبه على الحروف، فزلق في هذا الرجل بالذي قبله ولم يتفطن لذلك).

2_ تشدده في باب جرح الرواة.

فقد انفرد ابن حزم بتضعيف جمع من الرواة ما سبق إلى تضعيفهم، وذلك بسبب بعض ما ذكرناه سابقاً، ولأجل تشدده في بعض مسائل الجرح والتعديل أيضاً، فمن ذلك:

أنه يرى أن الجرح مقدم على التعديل مطلقاً، مع اشتراطه تفسير الجرح، لكن دون نظر منه إلى القرائن التي تمنع من تقديم الجرح أحياناً كما لا يخفى على المحدثين _ الإحكام (1/ 135) _.

قال ابن عبدالهادي _ فيما نقله عنه الزركشي في النكت (3/ 351) _ في معرض كلامه عما يقع فيه بعض أهل العلم من الغلط:

(والثانية: يرون الرجل قد تكلم فيه وقد ضعف فيجعلون ما قيل فيه من كلام الحفاظ موجبا لترك جميع ما رواه، ويضعفون ما صح من حديثه لطعن من طعن فيه، كما يقول ابن حزم ذلك في إسرائيل وغيره من الثقات، وكذلك ابن القطان يتكلم في أحاديث كثيرة قد أخرجت في الصحيح لطعن من طعن في رواتها.

وهذه طريقة ضعيفة وسالكها قاصر في معرفة الحديث وذوقه عن معرفة الأئمة وذوقهم).

ويرى أن التدليس جرح في الراوي وفسق موجب لاطراح حديثه كله! _ الإحكام (1/ 132) _.

وأن الراوي إذا قبل التلقين ولو مرة واحدة سقط حديثه كله! _ الإحكام (1/ 132) _.

ولذا أنكر عليه الحافظان الذهبي في الميزان وابن حجر في الهدي واللسان كثيراً من التراجم التي انفرد فيها بالتضعيف أو التجهيل.

وانظر أمثلة على ذلك:

الميزان: (1/ 364،366) (3/ 56،236) (5/ 113،214) (6/ 81،289،306،401) (7/ 318).

اللسان: (1/ 218) (6/ 206) (7/ 214،232،264،266).

هدي الساري: (388،400،401،406،411،412،445،458).

قال الذهبي في السير (18/ 201_202): (ولي أنا ميل إلى أبي محمد لمحبته في الحديث الصحيح ومعرفته به وإن كنت لا أوافقه في كثير مما يقوله في الرجال والعلل).

قلت: وما أحسن ما قاله ابن القيم في الزاد (5/ 456): (وإذا تعارض معنا في الإحتجاج برجل قول ابن حزم وقول البخاري وأحمد وابن المديني والحميدي وإسحاق بن راهويه وأمثالهم، لم يلتفت إلى سواهم).

3_ إكثاره من تجهيل الرواة.

فمن الملاحظ أن ابن حزم أكثر جداً من تجهيل الرواة حتى بلغ عدد من جهلهم في المحلى حسب إحصاء شيخي الدكتور إبراهيم الصبيحي (403) راوياً من مجموع (897)! أي قريباً من نصف العدد!

وقد أشار ابن حجر إلى مجازفة ابن حزم في تجهيله لمن لا يعرفه!

قال في اللسان (1/ 432) في ترجمة إسماعيل الصفار: (ولم يعرفه ابن حزم فقال في المحلي أنه مجهول، وهذا هو رمز ابن حزم، يلزم منه أن لا يقبل قوله في تجهيل من لم يطلع هو على حقيقة أمره، ومن عادة الأئمة أن يعبروا في مثل هذا بقولهم: لا نعرفه، أولا نعرف حاله، وأما الحكم عليه بالجهالة بغير زائد لا يقع إلا من مطلع عليه أو مجازف!).

وقال في أيضاً (1/ 231) في ترجمة الأبار: (أحمد بن علي بن أسلم. قال بن حزم: مجهول، وهو الأبار الحافظ المتقدم، وهذه عادة ابن حزم إذا لم يعرف الراوي يجهله، ولو عبر بقوله: لا أعرفه لكان أنصف، لكن التوفيق عزيز!).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير