وكذلك القصة التي ذكرتها لا تدل على قلة فهمه، أو أنه لا يعي كلام الإمام أحمد، فقد روى كثيراً من المسائل عنه؛ وليس من حد الثقة ألا يخطئ، وتفرده ليس يدل على المخالفة لغيره، بل قد يكون هذا مدحاً له حيث تفرد عن أحمد بمسائل لم يحكها عن أحمد غيره، ويكون هذا من جودة حفظه.
فتفرده بمسائل لا يدل من قريب ولا بعيد على خطئه؛ بل قد يدل على حفظه.
رابعاً: أنا أخي الحبيب لم أقل بترك حديث الدراوردي، وأين أذهب من كلام العلماء فيه وتوثيق بعضهم له؟!!
لكني أقول بأن فيه تفصيل:
فما ثبت أنه حدث به من كتابه فهو صحيح جداً،وأما ما حدث به من حفظه فضعيف حتى يتابع، ويلحق به ما أخذه من كتب الناس، والقسم الثاني هو الأصل في الرواية (أي التحديث من الحفظ)، وقد لا يبين لنا هذا فنعرف خطأه أو وهمه بالتفرد.
وقد تتبعت أكثر أحاديث الدراوردي في صحيح مسلم إن لم أقل كلها، فلم أجد إلا حديثين احتج به مسلم فيهما استقلالاً، مع كونهما ليسا في الأحكام، وللدراوردي فيهما شاهد أو متابع!! ومن رواية قتيبة عنه خاصة، وكأنه أخذ من كتابه، والله أعلم.
وعلى ذلك فلا غرابة في رد حديثه عند المخالفة ووجود القرائن الصحيحة لذلك.
خامساً: تقول أخي الكريم: ((ولا يخفي على البصير أن الإمام أحمد وكثير من المتقدمين يطلقون النكارة على مجرد التفرد .. ))
أقول: ولا يخفي على البصير أن الإمام أحمد وكثير من المتقدمين ربما يعلون الحديث بالتفرد إذا كان منكراً عندهم.
سادساً: تقول أخي الكريم: ((وقال البغوي: وسمعت أحمد يقول: إن الدراوردي يجىء بأحاديث ما أدري ما هي ـ كأنه أنكرها ـ
قلت: لعلها من غيره؛ لأنه " يروي ما سمعه مما فيه نكارة ولا ذنب له في النكارة بل الحمل على من فوقه، فالمعنى أنه ليس من المبالغين في التنقي والتوقي الذين لا يحدثون مما سمعوا إلا بما لا نكارة فيه ومعلوم أن هذا ليس بجرح "))
أقول: أيخفى على الإمام أحمد أن ينظر فيمن فوقه، فيعل الحديث به؟!! ويفهمه صغار المحدثين قبل كبارهم!! والله إني لأستحي أن أقول هذا في حقك أنت!!
فقد أنكروا حديثه عن عبيد الله بالسلسلة المشهورة؛ فهل الحمل فيه على من فوقه؟!!
سابعاً: قلت يا أُخيّ: ((7ـ أما قول الإمام النقاد الساجي " ... إلا أنه كثير الوهم "
أقول: هذا لا يضره إلا إذا كثر الوهم، وكان الغالب على حديثه
. أما الوهم القليل فمن ذا سلم منه؟ أضف إلى ذلك أن المسألة اجتهادية وترجع إلى حال كل راوٍ على حده فقد يخطىء أحدهم في خمسين حديثاً ـ وهي كثيرة ـ ولا يضره، لأنه معه الآلاف من الأحاديث المستقيمة، وقد يخطىء أحدهم في حديث واحد فيضره؛ لأنه ليس معه إلا هذا الحديث.))
أقول: لا أدري ما هذا!!
ثامناً: أن كثيراً -إن لم أقل أكثر- من الأحاديث الخطأ والمنكرة لكل الرواة لم تصلنا حيث يضرب عليها الأئمة ولا يحدثون بها إلا تعليلاً، ولذلك لا يمكن السبر إلا في مجال ضيق جداً. والله أعلم.
ـ[بو الوليد]ــــــــ[08 - 03 - 03, 06:18 م]ـ
قال ابن عبد البر في التمهيد (ج 5 ص 24)
والدراوردي صدوق ولكن حفظه ليس بالجيد عندهم.
ـ[مبارك]ــــــــ[09 - 03 - 03, 01:11 ص]ـ
أخي الكريم أبا وليد ـ والله ـ أنت من القلائل الذين وجدتهم في هذا الملتقى يبحثون عن الحق وينشدون الصواب ويفرون من الخطأ وهذه ميزة طيبة فجزاك الله خير الجزاء. بخلاف من يُصير البحث العلمي إلى ضرب من العناد، والشتم، والتعصب، لا صلة له بالعلم الشرعي المنهجي بل همهم إيذاء أهل العلم وطلابه ـ من الأموات والأحياء ـ فينبغي الحذر من هؤلاء فإن ضررهم كبير وشرهم خطير، وما أكثرهم في هذه الأوقات. قال العلامة المقبلي في" العلم الشامخ " (253):
" وأما أنك تُشرب قلبك حب قوم وكراهة آخرين ثم تأخذ بقية عمرك في تثبيت ذلك البناء وهو على شرف جرف هار، وتغُر نفسك إنك أردت الله بذلك، وأنت تعلم خلافه لو أنصفت، فهذه إنما هي حمية الجاهلية الأولى " أه.
ولآن مع بعض الوقفات:
1ـ كلامي ليس فيه أي تكلف بل فيه جمع وتحقيق بين الأقوال وهذه طريقة الحفاظ الكبار كابن دقيق العيد، وابن القطان، وابن قيم الجوزية، والذهبي، وابن الملقن، والحافظ ابن حجر وغيرهم من المحققين. فعندما تذهب إلى" ميزان الاعتدال"
¥