5 ـ أخي الكريم ألا تلاحظ أن قول الإمام أحمد: " يجىء بأحاديث ما أدري ماهي ... تقال في الذي يروي ما سمعه مما فيه نكارة ولا ذنب له في النكارة، بل الحمل فيها من فوقه، فالمعنى أنه ليس من المبالغين في التنقي والتوقي الذين لا يحدثون مما سمعوا إلا بما لا نكارة فيه، ومعلوم أن هذا ليس بجرح، وهذا بخلاف لو قال: " في حديثه مناكير " كثيراً ما تقال فيمن تكون النكارة من جهته جزماً أو احتمالاً فلا يكون ثقة.
إذن قولهم: " يجىء " مثل قولهم: " يروي ".
أما قولك: أنكروا حديثه عن عبيدالله بالسلسلة المشهورة ... فلعل من أنكرها كان متأثرأً بما قاله فيه الإمام أحمد رحمه الله يقوي ذلك ما جاء عن أبي حاتم من قوله: وقد بان مصداق ما قال أحمد في حديث الدراوردي، عن عبيدالله ...
قال أبو عبدالرحمن: ويمكن حمل النكارة على مجرد التفرد أي أنه يتفرد عن عبيدالله بأشياء لم يشاركه فيها غيره.
6ـ أما عبارتي التي قلت عنها: " لا أدري ما هذا " المقصود منها أن الدراوردي واسع الرواية كثير الحديث فإذا أخطأ في خمسين، وله أكثر من ألف حديث فهذا لا يضر، بخلاف لو كان راوياً له خمسة أحاديث وأخطأ في أربعة منها فهذا يضر ولا شك؛ لأن خطأه أكثر من صوابه.
7ـ أما كون بعض الأحاديث أو أكثر الأحاديث المنكرة لكل الرواة لم تصل إلينا لا يمنع من التتبع والنظر في الموجود عندنا من كتب الأئمة المطبوع منها والمخطوط بحسب إمكانياتنا وطاقاتنا ومن ثم الحكم على الأحاديث من خلال ما توصل إليه بحثنا وجهدنا.
(فائدة): حديث: " تقتلك الفئة الباغية "
أخرجه الترمذي (3800): حدثنا أبو مصعب المدني، حدثنا عبدالعزيز بن محمد عن العلاء بن عبدالرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابشر عمار، تقتلك الفئة الباغية.
قال الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح غريب من حديث العلاء بن عبدالرحمن.
وقد توبع الدراوردي تابعه: عبدالله بن جعفر المدني.
أخرجه أبويعلى في " مسنده " (6524)، وابن عدي في
" الكامل " (4/ 1495).
وعبدالله ذا ضعيف.
وقد تكلم في حديث الدراوردي ابن معين فقال: لم يوجد في كتاب الدراوردي. وأخبرني من سمع كتاب العلاء ـ يعني من الدراوردي ـ إنما كانت صحيفة، ليس هذا فيها وكانت قصة واحدة ...
أقول: ويمكن أن يجاب عن هذا التعليل بأن يقال: لا يلزم من عدم كون الحديث في كتابه أن لا يكون في حفظه.
"وهذا الحديث قد صرح يتواتره السيوطي في خصائصه الكبرى وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي قال ابن عبدالبر تواترت الأخبار بذلك وهو من أصح الحديث وقال ابن دحية لا مطعن في صحته ولو كان غير صحيح لرده على معاوية وأنكره ونقل ابن الجوزي عن الخلال في العلل أنه حكي عن أحمد قد روى هذا الحديث من ثمانية وعشرين طريقاً ليس فيها طريق صحيح وحكي أيضاً عن أحمد وابن معين وأبي خيثمة أنهم قالوا لم يصح.
ونص ابن عبدالبر في الاستيعاب في ترجمة عمار وتواترت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال تقتل عماراً الفئة الباغية وهذا من أخباره بالغيب وأعلام نبوته صلى الله عليه وسلم وهو أصح حديث " نقلاً عن كتاب " نظم التناثر عن الحديث المتواتر " (197ـ198).
وقد ضعف ابن رجب ما ورد هاهنا عن الإمام أحمد من التضعيف وقال: وقد روي عن أحمد خلاف هذا. انظر شرح البخاري لابن رجب رقم الحديث (447).
وجاء عن ابن معين خلاف ما نقل عنه من تضعيف حديث عمار أنظر " المنتخب من العلل للخلال " (222ـ 225).
أخي المفضال أبا الوليد لا يسعني إلا أن أنقل ما ورد عن الإمام الشافعي حينما ناظر يونس الصدفي يوماً في مسألة ثم يفترقان فيلقاه الشافعي ويأخذ بيده ويقول: (يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخوانناً وإن لم نتفق في مسألة).
قال الذهبي معلقاً على هذا الأثر: (قلت: هذا يدل على كمال عقل هذا الإمام ـ يعني الشافعي ـ وفقه نفسه، فما زال النظراء يختلفون).
ـ[طالب الحق]ــــــــ[09 - 03 - 03, 07:26 ص]ـ
جزاك الله خيرا على طرحك ...... لكن قولك
(أخي الكريم أبا وليد ـ والله ـ أنت من القلائل الذين وجدتهم في هذا الملتقى يبحثون عن الحق وينشدون الصواب ويفرون من الخطأ)
¥