تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمما ينبغي أن يستحضره الناظر في كلام الناقد: هذا الاطلاع الواسع الذي سبق التنبيه عليه إجمالاً، ولكني ههنا أخص بالذكر "رأس مال الناقد" في هذا الشأن، ألا وهو:

"الإحصاء والحفظ"

فأقول: كان الناقد يستوعب أولاً ما عند شيوخ بلده من الحديث فيسمعه، ويكتبه على الوجه، محصيا أحاديث كل شيخ عن شيوخه، حافظاً لتلك الأسانيد برواتها ومتونها، وربما كان بعضهم يصنف أحاديث الشيوخ على: الأبواب، كالإيمان والطهارة والصلاة ونحوها، أو على المسانيد، كحديث أبي هريرة، وابن عمر، وابن عباس وهكذا. فيصير الحديث الواحد عنده مخرجاً في أكثر من باب. ولاشك أن في شيوخ هذا الناقد من أهل بلده من رحلوا، ورووا عن شيوخهم من هنا وهناك، فأصبح عند الناقد أحاديث بعض شيوخ البلدان والأمصار.

ثم يبدأ الناقد في سماع الحديث والأثر، ويصنع بأحاديث كل شيخ ممن سمعهم في الرحلة مثلما صنع في أحاديث شيوخ بلده، ولا شك أن في سماعه الجديد أشياء يسمعها من شيوخ شيوخ بلده، فيقارنها بما سمعه من شيوخ بلده عنهم، فمن النقاد من يكتبها مرة أخرى، ومنهم من ينتخب ما يجد فيها خلافاً عما سمعه من شيوخ بلده أو غيرهم – سواء كان هذا الاختلاف في الإسناد في المتن، وكان من أمثلة النوع ا لأول من هؤلاء النقاد: أبو زرعة، ومن النوع الثاني: أبو حاتم رحمهما الله تعالى.

قال ابن أبي حاتم (): سمعت أبي رحمة الله يقول: "كنا إذا اجتمعنا عند محدث أنا وأبو زرعة، كنت أتولى الانخاب، وكنت إذا كتبت حديثاً عن ثقة لم أعده، وكنت أكتب ما ليس عندي. وكان أبو زرعة إذا انختب يكثر الكتابة، كان إذا رأى حديثاً جيداً قد كتبه عن غيره أعاده" اهـ.

وكان الناقد ربما سمع من الشيخ الواحد عدة مرات، بينها فترات؛ التماسا لسماع ما لم يسمعه منه من قبل، وكان ينتخب أيضاً ما فاته سماعه فقط، فيكتبه، أما المعاد، فإنه يعرضه على كل ما كتبه عنه أولاً؛ لاختبار حال الشيخ في الضبط.

قال أبي حاتم (): سمعت أبي رحمه الله يقول: "كنا إذا اجتمعنا عند محدث أنا وأبو زرعة، كنت أتولى الانتخاب، وكنت إذا كتبت حديث عن ثقة لم أعده، وكنت أكتب ما ليس عندي. وكان أبو زرعة إذا انتخب يكثر الكتابةى، كان إذا رأى حديثاً جيداً قد كتبه عن غيره أعاده"اهـ.

وكان الناقد ربما سمع من الشيخ الواحد عدة مرات، بينها فترات؛ التماساً لسماع ما لم يسمعه منه من قبل، وكان ينتخب أيضاً ما فاته سماعه فقط، فيكتبه، أما المعاد، فإنه يعرضه على ما كتبه عنه أولاً؛ لاختبار حال الشيخ في الضبط.

قال ابن أبي حاتم (): سمعت أبي يقول: "كنت أتولى الانتخاب على أبي الوليد ()، وكنت لا انتخب ما سمعت من أبي الوليد قديماً ... فلما تيسر لي الخروج من البصرة، قلت لأبي زرعة: تخرج؟ فقال: لا، إنك تركت أحاديث من حديث أبي الوليد مما كتبت عنه سمعت منه قديماً، فكرهت أن أسأل في شيء يكون عليك معاداً، فأنا أقيم بعدك حتى أسمع" اهـ.

وقال أبو الوليد الطيالسي (): قال حماد بن زيد: ما أبالي من خالفني إذا وافقني شعبة؛ لأن شعبة كان لا يرضى أن يسمع الحديث مرة، يعاد صاحبه مراراً، ونحن كنا إذا سمعناه مرة اجتزينا به"اهـ.

وقال أبو داود الطيالسي (): سمعت شعبة يقول: سمعتُ من طلحة بن مصرف حديثاً واحداً، وكنت كما مررت به سألته عنه، فقيل له: لم يا أبا بسطام؟ قال: أردت أن أنظر إلى

حفظه، فإن غير فيه شيئاً تركته". اهـ.

أمثلة لما "يحصيه" الناقد:

فالناقد يدأب في التراحل، والسماع، والكتابة، والتصنيف، والانتخاب، على نحو ما سبق، ويولي عنايته أثناء ذلك لأمور: منها:

1 - حصر أحاديث من تدور عليهم الأسانيد في البلدان. وذلك بأن يجمع الناقد أحاديث على واحد منهم، مبوباً ذلك على شيوخه وتلاميذه.

قال علي بن المديني (): "نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة: الزهري، وعمرو بن دينار، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير، وأبي إسحاق – يعني الهمداني – وسليمان الأعمش.

ثم صار علم هؤلاء الستة إلى أصحاب الأصناف، فممن صنف من أهل الحجاز: مالك بن أنس، وابن جريح، ومحمد بن إسحاق، وسفيان بن عيينة.

ومن أهل البصرة: شعبة، وسعيد بن أبي عروبة، وحماد بن سلمة، ومعمر، وأبو عوانة.

ومن أهل الكوفة: سفيان الثوري.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير