ويعتبر ابن عبد الملك تلميذ تلاميذه إذ أخذ عن عدد من تلاميذ ابن القطان ويعدد من روى عنه منهم فيقول: " ومن شيوخنا الرواة عنه سوى ابنه أبي محمد: أبو الحسن الكفيف؛ وأبو زيد بن القاسم الطراز؛ وأبو عبد الله بن الطراوة؛ وأبو عبد الله المدعو بالشريف؛ وأبو علي المقري … "
ومن أبرز تلامذته: ابناه أبو محمد حسن؛ وأبو عبد الله الحسين. ومما يؤسف له أن المصادر المتيسر الوقوف عليها لم ترجم لهما؛ ولم تعرف بهما ولا بولادتهما ووفاتهما.
ثم الحافظ أبو عبد الله بن المواق؛ واسمه محمد بن يحيى بن أبي بكر مراكشي قرطبي الأصل قديما؛ قال ابن عبد الملك: " وكان فقيها حافظا محدثا مقيدا ضابطا متقنا نبيل الخط بارعه؛ ناقدا محققا ذاكرا أسماء الرجال وتواريخهم وأحوالهم؛ وله تعقب على كتاب شيخه أبي الحسن بن القطان الموسوم " ببيان الوهم ولإيهام الواقعين في كتاب الأحكام … " ولد سنة 583 ونشأ بمراكش واستوطنها؛ توفي سنة 642 " " وفي الرسالة المستطرفة " أثناء الكلام على " أحكام " عبد الحق؛ و " الوهم والإيهام " لابن القطان: " وقد تعقب كتابه هذا في توهيمه لعبد الحق تلميذه الحافظ الناقد المحقق؛ أبو عبد الله محمد بن الإمام يحيى بن (المواق) في كتاب سماه: " المآخد الحفال السامية؛ عن مآخذ الإهمال في شرح ما تضمنه كتاب بيان الوهم ولإيهام؛ من الإخلال ولإغفال؛ وما انضاف إليه من تتميم وإكمال " تعقبا ظهر فيه كما قال الشيخ القصار:إدراكه ونبله؛ وبراعة نقده؛ إلا أنه تولى إخراجه من المبيضة؛ ثم اخترمته المنية؛ ولم يبلغ من تكميله الأمنية؛ فتولى تكميل تخريجه مع زيادات تتمات؛ وكتب ما تركه المؤلف بياضا: أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد بن رشيد … " [24]
ثم أبو عبد الله بن عياض حفيد القاضي عياض واسمه: محمد بن عياض بن محمد بن عياض بن موسى اليحصبي قال ابن الزبير: " ولد سنة 584 وتوفي بغرناطة سنة 655 " [25]
5 - ابن القطان محافظ مكتبة القصر الملكي:
يقول الأستاذ المنوني عن الخلفاء الموحدين: " كانوا مضرب الأمثال في الاهتمام باقتناء الكتب وتملكها " والواقع أن الكتب التي نقل منها ابن القطان في الحديث والرجال خاصة تعتبر من الكثرة والغرابة والندرة والتعدد بحيث يستبعد أن تكون مملوكة لشخص واحد؛ ولا بد أن تكون تلك المصادر في ذلك الوقت هي محتوى مكتبة ملكية. وتوفر لابن القطان النقل من كتب تعذر على عبد الحق بالأندلس أن يراها؛ كمسند بقي ابن مخلد وتفسيره؛ ومصنف قاسم بن أصبغ وغيرها. وقد تولى ابن القطان نظارة هذه المكتبة؛ واستوعبها واطلع على خفاياها ودقائقها حتى أنه عندما نهبت تلك المكتبة وعيث فيها فسادا في إحدى الفتن؛ لم يجدوا من يعيد ترتيبها ح ويعرف ما فقد منها وما نقص؛ وما بقي تاما؛ غيره.
6 - مكانة ابن القطان العلمية:
كان أبو الحسن عالما مشاركا متضلعا من كثير من العلوم كالفقه والأصلين والتاريخ والتفسير والعربية وغير ذلك؛ كما تدل عليه أسماء مؤلفاته الآتي ذكرها. وبعد أن عدد ابن عبد الملك مؤلفاته قال: " إلى غير ذلك من المعلقات والفوائد في التفسير والحديث والفقه وأصوله والآداب والكلام والتواريخ والأخبار"
لكن العلم الذي كان له فيه التخصص والبراعة وبلغ فيه مبلغ الأئمة الكبار هو علم الحديث بسائر فروعه؛ ونقد متونه وأسانيده.
ولعل شهادة عصريه المحدث الحافظ أبي عبد الله بن الأبار المعروف بتشدده في النقد؛ كافية في إظهار مكانته الحديثية عند العلماء إذ يقول: " وكان من أبصر الناس بصناعة الحديث؛ وأحفظهم لأسماء رجاله؛ وأشدهم عناية بالرواية " [26] ويزيد ابن القاضي على ما نقله من وصف ابن الأبار: " مع التفنن في المعرفة والدراية " [27].
ويقول عاصريه أيضا: الحافظ جمال الدين بن مسدي: " كان معروفا بالحفظ والإتقان ومن أئمة هذا الشأن " [28].
ويقول الحافظ أبو جعفر بن الزبير المتوفى سنة 708: " وكان ذاكرا للرجال والتاريخ عارفا بعلل الحديث نقادا ماهرا " [29].
¥