تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 - أن الإمام مسلم رحمه الله تعالى رغم قوله ونصرته لهذا القول إلا أنه احتاط في صحيحه فأخرج من هذا النوع ما له متابعات، قال النووي رحمه الله في شرحه: ((وإن كنا لا نحكم على مسلم بعمله في صحيحه بهذا المذهب لكونه يجمع طرقاً كثيرة يتعذر معها وجود مثل هذا الحكم الذي جوّزه)) ()، ونحو هذا ذكر ابن الصلاح في كتابه صيانة صحيح مسلم ().

ومما يدل على ذلك أيضاً حديث أخرجه مسلم من رواية طاووس عن عائشة في النهي عن الصلاة حال طلوع الشمس وغروبها، وطاووس كما في ترجمته في

التهذيب () ذكر أنه لم يسمع من عائشة، وقد ساق مسلم رحمه الله للحديث طرقاً كثيرة عن عائشة وشواهد ().

فالذي أراه أن لا يتساهل الباحث والمحقق في تصحيح الحديث إذا لم يثبت اللقاء في العنعنة بين ثقتين إلا إن كان هناك قرائن تدل على اللقاء كما سيأتي.

2 - رغم أن قول البخاري رحمه الله تعالى ومن قال بقوله هو الأقوى والأحوط إلا أن من تتبع كلام الأئمة وجد أنهم يثبتون اللقاء بالقرائن ولولم يكن هناك ما يدل صريحاً عليه مثل طول المعاصرة وكونهما من بلد واحد أو كونهما قريبين كالولد مع أبيه وغير ذلك.

قال الحافظ ابن رشيد الفهري في كتابه الفائق السنن الأبين: ((فقد يكون لكل حديث حكم يخصه فيطلع فيه على ما يفهم اللقاء أو السماع، ويثير ظناً خاصاً في صحة ذلك الحديث فيصحح اعتماداً على ذلك لا من مجرد العنعنة، ومثل هذا أيها الإمام - يعني الإمام مسلم - لا يُقدر على إنكاره، وقد فعلت في كتابك مثله من رعي الاعتبار بالمتابعات والشواهد وذلك مشهور عند أهل الصنعة)) ().

وقد عمل العلائي رحمه الله بالقرائن فقال حينما ذكر قول أبي زرعة: حميد بن عبدالرحمن عن علي وأبي بكر مرسل، قال: قد سمع من أبيه وعثمان رضي الله عنهما فكيف يكون عن علي مرسلاً وهو معه بالمدينة؟)) ().

وقبله أبو حاتم رحمه الله فقد قال: ((يشبه أن يكون زيد بن أبي أنيسة قد سمع من عبيد بن فيروز؛ لأنه من أهل بلده)) ().ومن هذا الباب أيضاً ما ذكره ابن رجب رحمه الله عن الإمام أحمد أنه سئل عن أبي ركانة سمع من سفينة قال: ينبغي هو قديم قد سمع من ابن عمر ().فهذه أمور بنبغي مراعاتها في هذا الباب. والله الموفق.

المرسل:

قد تكلم العلماء في المرسل قديماً وحديثاً وألفت فيه المؤلفات ومن أنفعها: جامع التحصيل للعلائي رحمه الله تعالى، ولابن رجب رحمه الله في شرح العلل كلام نفيس فيها.

والذي يهم أن أنبه عليه من منهج المتقدمين في هذا الباب عدة أمور:

1 - من المعلوم أن جمهور المحدثين القدماء على عدم الاحتجاج بالمرسل كما قال الإمام مسلم في مقدمة صحيحه: ((المرسل من الروايات في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة وقال: إذا كان مرسلاً فإنه لا يصح عند أكثر أهل الحديث)) () وقال الترمذي: الحديث إذا كان مرسلاً فإنه لا يصح عند أكثر أهل الحديث (). ومن قبِله منهم كالشافعي وغيره فقد شرطوا له شروطاً في المرسِل والمرسل ذكرها الشافعي رحمه الله في الرسالة ()، وإنما أطلق قبول المرسل كثير من الفقهاء، والمحدثين بخلافهم لكن من المراسيل عند طائفة من المتقدمين كأحمد وابن المديني وغيرهم ما هو صحيح كمراسيل سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي، وقد نقل ذلك عنهم ابن رجب وقال: هي عندهم صحاح ()، والسبب في ذلك أنهم يرسلون عن الثقات، ومنهم من تتبعها فوجدها صحيحة الأسانيد كما ذكر ذلك الحاكم في مراسيل سعيد بن المسيب () لكن يستثنى مراسيل سعيد عن أبي بكر رضي الله عنه فقد قال عنها يحيى بن سعيد: ذلك شبه الريح (). والقول بقبول مرسل من لا يرسل إلا عن ثقة قول كثيرين من أئمة الجرج والتعديل كما ذكر العلائي () وقال ابن رجب: وقد نقل ابن عبدالبر ما يقتضي أن ذلك إجماع ()، وقال العلائي: فهذا القول أرجح الأقوال في هذه المسألة وأعدلها، لكن هل مراسيل هؤلاء مقبولة بمفردها أو باعتضادها بموصول أو مرسل آخر أو قول صحابي وغيره مما ذكره الشافعي؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير