تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

((بعن)) محمول على ثبوت السماع من جهة أخرى)) ()، وقال القطب الحلبي: أكثر العلماء على أن المعنعنات التي في الصحيحين منزلة منزلة السماع إما لمجيئها من وجه آخر بالتصريح أو لكون المعنعن لا يدلس إلى عن ثقة أو عن بعض شيوخه أو لوقوعها من جهة بعض النقاد المحققين سماع المعنعن لها (). وذكر العلائي أيضاً نحو هذا عن بعض الأئمة (). ثم إن البخاري ومسلم رحمهما الله اعتنيا بأحاديث كتابيهما بذكر الطرق والمتابعات والتي تفيد أحياناً إثبات السماع في الطريق المعنعن للمدلس، وانظر كلام ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (13/ 376) كما أن من استخرج عليها من كتب المستخرجات يذكرون طرقاً تفيد تصريح المدلس بالسماع من طريق ذلك المستخرج كما ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله ()، وقد تتبع أخونا الشيخ/خالد العيد في رسالته العلمية أحاديث أبي الزبير عن جابر المروية بـ (عن) في صحيح مسلم فوجدها (130) حديثاً كلها لها متابعات وشواهد إلا ثلاثة أحاديث.

2 - إن هناك بعض المحدثين الذين وصفوا بالتدليس وجعلهم المتأخرين في رتبة من لا يقبل حديثه إلا ما صرح فيه بالسماع وهي المرتبة الثالثة، وإذا تأملت كلام المتقدمين فيهم وتعاملهم مع مروياتهم رأيت أن الراجح في حكمهم أن لا يكونوا في هذه المرتبة كالإمام الزهري (محمد بن مسلم بن شهاب) أحد الأئمة الحفاظ، فقد جعله ابن حجر في المرتبة الثالثة ()، والصواب أنه من المرتبة الثانية وهم من احتمل الأئمة تدليسهم وأخرجوا له في الصحيح أو من الأولى وهم من لا يدلس إلا نادراً فإن الذهبي رحمه الله قال في الزهري: كان يدلس في النادر ()، وقد نبه على هذه النقطة شيخنا الدكتور مسفر الدميني حفظه الله في كتابه في التدليس. وقد خالف ابن حجر العلائي وسبط العجمي في كتابه التبيين في أسماء المدلسين، فقد ذكر أن الإمام الزهري قد قبل الأئمة عنعنته، وهذا يظهر لقلة تدليسه، ومن هذا القبيل أيضاً قتادة بن دعامة السدوسي فلم يرد عن المتقدمين وصفه بكثرة التدليس مع أن ابن حجر رحمه الله ذكره أيضاً في المرتبة الثالثة ().

3 - أما أبو الزبير المكي محمد بن مسلم بن تدرس رحمه الله فهو وإن ذكره ابن حجر رحمه الله في المرتبة الثالثة أيضاً () فلا يكفي أن نقول إنه ليس من المكثرين أو المشهورين بالتدليس بل إن القول بأنه مدلس فيه نظر، وقد ناقش الأدلة التي دلت على تدليس أبي الزبير الشيخ الباحث خالد بن عبدالله العيد في رسالته الرائعة: ((ضوابط تصحيح الإمام مسلم في صحيحه لمرويات أبي الزبير المكي بالعنعنة عن جابر بن عبدالله)) () وقد أجاد فيها وأفاد، وأذكر طرفاً مختصراً مما ذكره، قال: ويمكن أن يقال في نفي التدليس عن أبي الزبير ما يلي:

1 - الإمام ابن عبدالبر استوعب في كتابه الاستغناء ما طعن به في أبي الزبير وقد أجاب عنها ولم يتعرض لمسألة التدليس.

2 - أن الأئمة المتقدمين ممن كتب عنهم في الجرح والتعديل ... لم يذكروا أبا الزبير بالتدليس.

3 - أن من تشددوا في أمر التدليس وعظم أمره وهو شعبة قد روى عنه ولم يصفه بالتدليس.

4 - أن الإمام الشافعي رحمه الله قد نفى التدليس عن أهل الحجاز.

5 - أن الحاكم رحمه الله ذكر حديثاً من طريق أبي الزبير عن جابر بالعنعنة ثم قال: هذا حديث رواته بصريون ثم مدنيون وليس من مذهبهم التدليس ().

6 - ثم على افتراض أن أبا الزبير مدلس فتدليسه عن جابر فقط دون غيره وتدليسه عن ثقة، فالصحيفة التي عنده هي صحيفة اليشكري وقد مضى توثيق أبي زرعة له وكذا الذهبي وغيره، وكذلك لما استفسر في حديث آخر - إن ثبت تدليسه فيه - ذكر صفوان بن عبدالله وهو ثقة ().

هذا وقد سمعت أن الشيخ/ خالد الدريس وفقه الله صاحب كتاب ((موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين)) والذي سبق أن أشرت إليه له كتاب مخطوط بعنوان ((الإيضاح والتبيين بأن أبا الزبير ليس من المدلسين)) ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير