تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

، وفي الآخرة منها: ((آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون)) وتابع مروان بن معاوية على هذا اللفظ عيسى ابن يونس عن عثمان بن حكيم، كما أخرج مسلم رحمه الله (). وتابعهما ابن نمير عند أحمد في المسند (1934).

فهؤلاء ثلاثة خالفهم أبو خالد الأحمر (سليمان بن حيان) وقد ذكر في ترجمته أنه يخطئ فذكر الآية: ((تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم)) فأخطأ، والصواب رواية الجماعة وأن الآية هي: ((فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون)).

ولعل أبا خالد الأحمر اشتبه عليه الأمر لأن آية: ((قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء .. آخرها: ((فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون)) فأخطأ فذكر آية بدل الأخرى. والله أعلم.

فالمقصود أن هذا لا ينقص من قدر الصحيحين فهو قليل ونادر بالنسبة لأحاديثهما، كما أنه لا ينافي القول إن الأمة تلقتهما بالقبول فإن ذلك مستثنى منه كما ذكر ابن الصلاح، والله أعلم.

المبحث السادس:

المسائل المتعلقة بتقوية الحديث بالطرق الأخرى والشواهد:

وهذا مبحث مهم يضطرب فيه بعض المتأخرين والمعاصرين، وقد تكلم عليه أهل العلم في كتب المصطلح وفي كتب التخاريج والعلل، وقد كفانا في هذا الموضوع أحد الباحثين، فقد جمع في هذا الباب الشيخ الدكتور المرتضى الزين أحمد كتابه ((مناهج المحدثين في تقوية الأحاديث الحسنة والضعيفة)) ط: مكتبة الرشد، وهو في الأصل رسالة دكتوراه مقدمة للجامعة الإسلامية بالمدينة وهو كتاب جيد جمع فيه مؤلفه ما ورد عن المحدثين المتقدمين والمتأخرين في هذا الباب فأجاد وأفاد جزاه الله خيراً، وقد أثنى على الكتاب الشيخ المحدث حماد الأنصاري رحمه الله إلا أني هنا سأنبه على نقطتين:

1 - أن بعض المتأخرين تساهلوا في تقوية الأحاديث، فإذا اجتمعت عندهم طرق كثيرة للحديث ولو كانت غير معتبرة - يعني غير صالحة للانجبار - كأن يكون في أسانيدها من هو متروك أو متهم أو هي واهية شديدة الضعف فإنهم يقوون الحديث بذلك فيصححونه أو يحسنونه، ومن هذا القبيل ما أشرت إليه سابقاً من تصحيح السيوطي لحديث: ((إذا بعثتم بريداً فابعثوا حسن الوجه حسن الاسم))، ويقع له من هذا النوع في كتابه اللآلي المصنوعة.

وابن حجر رحمه الله شدد في هذا في النزهة فقال: ((ومتى توبع السيء الحفظ بمعتبر كأن يكون فوقه أو مثله لا دونه .. )) () فلاحظ أنه لم ير التقوية بالأدني ونقل الدكتور المرتضى عنه أن الحديث الذي ضعفه ناشيئ عن تهمة أو جهالة إذا كثرت طرق ارتقى عن مرتبة المردود والمنكر الذي لا يجوز العمل به بحال إلى رتبة الضعيف الذي يجوز العمل به في فضائل الأعمال.

ونقل عن ابن كثير، قال: قال الشيخ أبو عمرو: لا يلزم من ورود الحديث من طرق متعددة أن لا يكون حسناً لأن الضعيف يتفاوت، فمنه ما لا يزول بالمتابعات كرواية الكذابين والمتروكين، ومنه ضعف يزول بالمتابعة كما إذا كان راويه سيء الحفظ أو روي الحديث مرسلاً فإن المتابعة تنفع حنيئذ ويرفع الحديث عن حضيض الضعف إلى أوج الحسن أو الصحة ().

أقول: وبهذا يتبين خطأ طريقة بعض المتأخرين من التقوية بكثرة الطرق ولو كانت واهية.

2 - الحديث إذا تلقته الأمة بالقبول وهو ضعيف هل يقوى عن ضعفه؟

تعرض الدكتور المرتضى لهذه المسألة ورجح أنه لا يرتفع عن ضعفه ().

أقول: والذي عليه جماهير العلماء من السلف والخلف كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يفيد العلم - يعني القطع - وذكر أنه قول أهل الحديث قاطبة، وقال به الشافعي وابن عبدالبر، وابن حجر والسيوطي والزركشي، ولعلي هنا أنقل كلام الشافعي وابن عبدالبر وابن تيمية رحمه الله (ملخصاً):

أما الشافعي فقال في الرسالة: ((ووجدنا أهل الفتيا ومن حفظنا عنه من أهل العلم بالمغازي لا يختلفون في أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح: ((لا وصية لوارث ولا يقتل مؤمن بكافر)) ويأثرونه عمن حفظوا عنه العلم ممن لقوا من أهل العلم بالمغازي، فكان هذا النقل عامة عن عامة وكان أقوى في بعض الأمر من نقل واحد عن واحد، وكذلك وجدنا أهل العلم عليه مجمعين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير