والحكم على حديث الطير بالوضع ذكره الخليلي في الإرشاد وابن الجوزي في الموضوعات وابن طاهر في اليواقيت وعظم النكير على الحاكم حيث قال في علوم الحديث إنه من الأحاديث المشهورة التي لم تخرج في الصحيح قال وإنما هو موضوع وإنما يجيء عن سقاط أهل الكوفة عن المشاهير والمجاهيل عن أنس انتهى
وفيما قاله نظر فقد تكلم عليه الشيخ الحافظ أبو سعيد العلائي فقال بعدما ذكر تخريج الترمذي له وكذلك النسائي في خصائص على رضي الله تعالى عنه إن الحديث ربما ينتهي إلى درجة الحسن أو يكون ضعيفا يحتمل ضعفه أما أنه موضوع فلا وقد خرجه الحاكم برجال كلهم ثقات معروفون سوى أحمد بن عياض فلم أر من ذكره بتوثيق ولا تجريح
قال ويقرب منه حديث علي خير البشر من أبي فقد كفر أخرجه الحاكم أيضا وهو مما ينكر عليه وقد قال الخطيب بعدما أخرجه هذا حديث منكر
وأخرج الحاكم أيضا حديث تزويج علي بفاطمة وهو موضوع
وقال الحافظ شمس الدين الذهبي كتاب المستدرك فيه عجائب وذلك أنه مزج كتابه فأخرج فيه مما هو علي شرط الشيخين أو أحدهما قريبا من ثلث الكتاب وأخرج فيه أيضا أحاديث أسانيدها في الظاهر على شرطهما وفي الباطن لها علل خفية مؤثرة في عدم الصحة وهي قطعة كبيرة منه وأخرج قطعة أخرى نحو ربعه بأسانيد حسنة وصالحة وجيدة وباقي الكتاب مناكير وعجائب وفي غضون ذلك أحاديث نحو المائة يشهد القلب ببطلانها وحديث الطير بالنسبة إليها سماء وبكل حال فهو كتاب مفيد
وقد قال ابن طاهر سمعت أبا محمد السمرقندي يقول بلغني أن
مستدرك الحاكم ذكر بين يدي الدارقطني فقال مستدرك عليهما حديث الطير فبلغ ذلك الحاكم فأخرج الحديث من الكتاب وهذه الحكاية ذكرها الحافظ عبد القادر الرهاوي في كتاب المادح والممدوح
وقال الذهبي إنها باطلة فإن الحاكم إنما ألف المستدرك في أواخر عمره بعد موت الدارقطني بمدة وحديث الطير فيه لم يحول منه
وذكر ابن طاهر أنه رأى حديث الطير جمع الحاكم بخطه في جزء ضخم فكتبه للتعجب وقد وقف عليه
وروى أيضا عن المظفر بن حمزة الجرجاني قال سمعت أبا سعد الماليني يقول طالعت المستدرك على الشيخين الذي صنفه الحاكم من أوله إلى آخره فلم أر فيه حديثا على شرطهما
قال الذهبي وهذا غلو وإسراف بل فيه جملة وافرة على شرطهما وجملة كبيرة على شرط أحدهما ولعل مجموع ذلك نحو النصف وفيه نحو الربع صح سنده وإن كان فيه علة قال وما بقي وهو الرابع فيه المنكر والضعيف والموضوع وليست رتبة أبي سعد أن يحكم بهذا
وتحامل ابن دحية عليه فقال في كتاب العلم يجب على طلبة الحديث أن يتحفظوا من قول الحاكم أبي عبد الله فإنه كثير الغلط بين السقط
وقد قال على مالك وأهل المدينة في كتاب المدخل ما لا علم له به انتهى
قوله (فالأولى أن نتوسط فيما حكم بصحته ولم نجد لغيره فهو حسن إلى آخره 00)
الصواب أن ما انفرد بتصحيحه فيتبع بالكشف عنه ويحكم عليه بما يقتضي حاله من الصحة أو الحسن أو الضعف وعلى ذلك عمل الأئمة المتأخرين وإنما ألجأ ابن الصلاح إلى ذلك اعتقاده أنه ليس لأحد التصحيح في هذه الأعصار وقد سبق رده وقد صحح في المستدرك أحاديث جماعة وأخبر في كتاب المدخل أنهم لا يحتج بهم وأطلق الكذب على بعضهم هذا مع أن مستند تصحيحه ظاهر السند وأن رواته ثقات ولهذا يقول صحيح الإسناد وصحة الإسناد شرط أ 29 من شروط الحديث وليست موجبة لصحته بل في المستدرك أحاديث مسكوت عنها وأسانديها صحيحة أو حسنة أو ضعيفة فيحكم عليها بما يقتضيه حال أسانيدها) انتهى.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[16 - 10 - 03, 11:55 م]ـ
هذه الفائدة العزيزة كم تأملتها وحاولت تحديد مقدار ذلك السدس:
قال شيخ الإسلام وإنما وقع للحاكم التساهل لأنه سود الكتاب لينقحه فأعجلته المنية قال وقد وجدت في قريب نصف الجزء الثاني من تجزئة ستة من المستدرك إلى هنا انتهى إملاء الحاكم ثم قال وما عدا ذلك من الكتاب لا يؤخذ عنه إلا بطريق الإجازة فمن أكبر أصحابه وأكثر الناس له ملازمة البيهقي وهو إذا ساق عنه المملى شيئا لا يذكره إلا بالإجازة قال فما صححه ولم نجد فيه لغيره من المعتمدين تصحيحا ولا تضعيفا حكمنا بأنه حسن إلا أن يظهر فيه علة توجب ضعفه والتساهل في القدر المملى قليل جدا بالنسبة إلى ما بعده
فهل تتبعها أحد وفعلا وجد أن ما ينتقد على الحاكم في السدس الأول من كتابه قليل جدا؟
¥