تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على كل حال ما دام أن الحاكم – رحمه الله – عرف عنه أنه أملى الربع الأول، ولم يمل الأرباع الثلاثة الباقية فإنها تقرب من الألف تقريباً، فهذا العدد الأخير يعتبر كثيراً إذا قورن بالعدد الذي في الربع الأول.

على كل حال ما دام أن الحاكم – رحمه الله – عرف عنه أنه أملى الربع الأول، ولم يمل الأرباع الثلاثة، وأن الأحاديث المنتقدة في الربع الأول لا تصل إلى درجة الوضع، وإنما أحاديث مما يمكن أن يجتهد فيه الإنسان، ويعذر – على الأقل – في اجتهاده. فهذا هو الذي يمكن أن يعتذر عن الحاكم به، وهذا ما أراه أجود هذه الاعتذارات.

هذا بالإضافة إلى أننا إذا أخذنا في أذهاننا أن الحاكم – رحمه الله – معروف من منهجه التساهل، مثل ما نرى عند ابن خزيمة وابن حبان، فهما ليسا كالبخاري ومسلم في تنقيح الأحاديث والحرص على انتقاء الحديث الذي لا ينازع فيه من صحح ذلك الحديث.

وبرغم أن البخاري ومسلماً – رحمهما الله – احترزا واحتاطا هذا الاحتياط، نجد أن هناك من ينتقدهما، فما بالنا بمن كان أكثر تساهلاً منهما كابن خزيمة وابن حبان؟! بل ما بالنا بمن هو أشد تساهلاً منهما كالحاكم؟!.

لا شك أنه إذا أضيف المنهج المتساهل مع كبر السن الذي ذكر – إن صح -، مع مسألة تنقيح الكتاب – يمكن أن يعتذر عن الحاكم بهذا الاعتذار.

ومع ذلك لا ندعي له العصمة، بل نقول: إنه أخطأ حقيقة حينما صحح بعض الأحاديث التي الضعف فيها ظاهر. بل أن تعقباته بعض الأحاديث أحياناً لا تحتمل، فإنه ربما ذكر رواياً من الرواة في بعض كتبه الأخرى في الرجال ثم يخرج له بعض الأحاديث، وهذا مثل مات حدث في كتابه "تاريخ نيسابور" فإنه قال فيه عن سهل بن عمار التعكي: "إنه كذاب يضع الحديث"، ثم بعد ذلك أخرج له بعض الأحاديث في المستدرك، وحكم عليها بالصحة على شرط الشيخين.

وقد لزم من تساهله في التصحيح تساهله في توثيق الرواة، فإن حكمه بصحة إسناد الحديث مع وجود بعض الرواة الضعفاء في ذلك الإسناد يفيد تساهله في توثيق بعضهم.

وقد صرح الحاكم نفسه في بعض كتب المستدرك بتساهله في بعض ما يرويه:

فمن ذلك: أنه أخرج في المجلد الثاني ص13 ستة أحاديث في كتاب البيوع، ثم قال: "وهذه الأحاديث الستة طلبتها وخرجتها في موضعها من هذا الكتاب إحتساباً لما فيه الناس من الضيق، والله يكشفها، وإن لم تكن من شرط هذا الكتاب".

وأيضاً فإن هناك بعض الرواة الذين سرح الحاكم بتوثيقهم عند حكمه على بعض الأحاديث، وبعد البحث نجد أن الراجح من حالهم خلاف ذلك.

فهذه المسألة وما تقدم من ذكره لجماعة من الضعفاء في كتابه " الضعفاء"، وتصحيحه لأحاديثهم في المستدرك – يمكن الاعتذار فيهما عن الحاكم بأنه صنف كتابه في آخر عمره بعد أن ضعفت قواه وأصابه شيء من النسيان والغفلة، وقد يكون يرى من نفسه أنه بلغ درجة الاجتهاد في الحكم على بعض الرجال بخلاف ما حكم به غيره من الأئمة؛ بسبب بلوغه مرتبة الاجتهاد.

التعريف بمستدرك الحاكم على الصحيحين:

1 - سبب تأليفه للمستدرك:

ذكر الحاكم في مقدمة المستدرك السبب الدافع له على تأليفه لهذا الكتاب، ويمكن أن نجمل ذلك فيما يلي:

أ- أن البخاري ومسلماً صنفا في الصحيح كتابين مهذبين، ولكنهما لم يحكمها ولا أحد منهما بأنه لم يصح من الحديث غير ما أخرجاه.

أي كأنه يقول: أنا يمكن أن أؤلف كتاباً في الصحيح زائداً على ما بالصحيحين؛ لأن البخاري ومسلماً لم يدعيا حصر الحديث الصحيح فيما أخرجاه.

ب- أنه ظهر في عصره جماعة من المبتدعة يشمتون برواة الآثار ويدعون أن جميع ما يصح من الحديث لا يبلغ عشرة آلاف حديث التي هي مجموع أحاديث الصحيحين تقريباً.

فألح عليه أهل العلم في عصره للرد على هؤلاء المتبدعة؛ لأنهم يرون للحاكم مكانة عظيمة في نفوسهم، ومشهود له بقوة الحافظة وبالإتقان وبمعرفة علم الحديث بشكل تدل عليه عبارات العلماء الذين أطروه وأثنوا عليه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير