تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم اخترعوا مفهوماً كاذباً للولاية، فهي عندهم مجرد هبة من الله عز وجل لبعض خلقه دون أن يكون لها سبب، بل وبغض النظر عن صلاح الشخص أو فجوره، واستدلوا بقول الله عز وجل: {يختص برحمته من يشاء}، أي دون سبب حسب مفهومهم.

ومعنى هذا أنهم يجعلون مفهوم للولاية كمفهوم النبوة، الكل بلا سبب ظاهر، وهذا خلاف ما قرره الإسلام بالنسبة لولاية التي تنتج عن طاعة الله تعالى والمتابعة لنبيه صلى الله عليه وسلم.

وقد قسموا الولاية والأولياء إلى أقسام يطول شرحها بدون فائدة فيها.

إلا ما نستثنيه مما ذكره المنوفي حين قسمهم إلى:

1 - الملامتية:

وهم الذين لا يظهرون للخلق أعمالاً وأسراراً، بل يخفون أسرارهم لكمال ذوقهم وقوة شهودهم لربهم.

2 - الغوث الأكبر:

وهو أكبر الأولياء والأقطاب، وهو ذات الحق باعتبار تجريدها من الاسم والصفة".

3 - الأوتاد الأربعة:

وهم حفظة العلم كل واحد منهم في ركن من أركان العالم، وهم على قدم بدل من الأبدال، أي أقل رتبة من الأبدال، لأن الأبدال يكونون على قدم قطب من الأقطاب.

4 - الأقطاب السبعة:

لحفظ القارات السبع، والقطب هو الواحد الذي هو موضع نظر الله من العالم في كل زمان. والقطبانية الكبرى هي مرتبة قطب الأقطاب، وهو باطن النبوة للرسول صلى الله عليه وسلم، والأبدال زعموا أنهم أربعون وهم مكلفون بحفظ العالم والكون.

5 - النجباء:

وهم الأربعون القائمون بإصلاح شئون السالكين.

6 - الأفراد:

وهم المفردون والغرباء لتفردهم عن الخلق بشهود الحق، وغربتهم في أهل زمانهم، وهم غير منحصرين في رتبة أو منزلة، ولهم كشف خاص وعلوم إلهية غريبة على الناس.

وأخيراً وصلوا بالولاية إلى أنها مثل النبوة تماماً فلها ختم كما للنبوة ختم، فختم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم وخاتم الأولياء عند الصوفية مجموعة من الكذابين مختلفون فيما بينهم على ادعائها.

وأول من ادعى ختم الولاية به هو محمد بن علي بن الحسين، ويسمونه "الحكيم الترمذي"، وقد ظهر في القرن الثالث الهجري- في آخره- وهو غير الترمذي صاحب السنن.

وحين صنف الحكيم الترمذي كتابه"ختم الولاية" مضاهياً بذلك القول بختم النبوة شهدوا عليه الكفر ثم نفي من ترمذ.

ثم جاء ابن عربي المتوفي سنة 638 هـ فادعى أنه خاتم الأولياء، ثم جاء محمد بن عثمان الميرغني السوداني المتوفي سنة 1268 هـ فادعى أنه هو خاتم الأولياء، ثم جاء أحمد التجاني من فاس بالمغرب المتوفي سنة 1230 هـ فادعى أنه هو خاتم الأولياء، وأن من سبقه أو يلحقه ممن يدعي ختم الولاية فإنه كاذب مفتر.

الفصل الثالث عشر

ما الكشف الصوفي؟

من أصول الدين الإسلامي وقواعد الإيمان في الشريعة الإسلامية أن الله تعالى وحده هو علام الغيوب، وأن الخلق مهما كانت منزلة أحدهم لا يصل إلى معرفة الغيب، إلا من شاء الله أن يطلعه على ما أراد من ذلك، سواء كان ملكاً مقرباً أو نبياً مرسلاً.

ولقد تعدى المتصوفة على هذه الصفة لله عز وجل فأقاموا أمراً سموه "الكشف الصوفى"، ويعنى عندهم رفع الحجب من أمام قلب الصوفي وبصره ليعلم بعد ذلك كل ما يجرى في هذا الكون.

وبالغوا في هذا الإدعاء بما لا يجرؤ على القول به إلا عتاة الزنادقة، كما هو مسطر في كتبهم بأقلامهم، وكما تبين ذلك من خلال ما قدمنا من الإشارات الكثيرة إلى حقيقة الكشف من خلال نظرتهم إلى أقطابهم في حالة رفع الحجب عنهم واتحادهم بالله ورفع الأنية بينهم وبين الله، ويبدوا أنهم ترقوا في هذه الدعوى على النحو التالى:

1 - ادعوا أن الصوفي يكشف له عن معان جديدة في القرآن والسنة والآثار والرسوم لا يعلمها علماء الشريعة، الذين سموهم علماء الظاهر والقراطيس؛ لأنهم أي علماء الشريعة إنما يعتمدون في نقل تلك المعاني من القرآن والسنة على موتى، وأما هم فإنهم يأخذونها عن الله تعالى مباشرة.

2 - ثم ترقوا فقالوا: إن لهم علوماً لا توجد في الكتاب ولا في السنة يأخذونها جديدة عن الخضر الذي هو على شريعة الباطن حسب زعمهم.

وهذه الفرية هي التي استباحوا بموجبها كثيراً من الفواحش والمحرمات إذ أن النصوص التي يفيد ظاهرها التحريم قد يفيد باطنها الإباحة، والخضر يؤكد لهم ذلك.

3 - وهناك فرية أيضاً اقترفوها، وهي قولهم: أنهم يتلقون علومهم عن ملك الإلهام كما تلقى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم علومه من ملك الوحي مباشرة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير