نظرات في بَعْضِ مَا أَضَافَهُ الثعالبي إِلَى اللهِ فِي كِتَابِهِ (ثِمَارُ القُلُوبِ فِي المُضَافِ والمَنْسُوبِ)
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[02 - 02 - 10, 02:21 م]ـ
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فهذه كلمات موجزة في نقد الباب الأول من كتاب (ثمار القلوب في المضاف والمنسوب) للعلامة اللغوي أبي منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي المتوفى سنة 429 هـ ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn1)) صاحب (يتيمة الدهر) و (فقه اللغة) و (لطائف المعارف) وغيرها من الكتب النافعة الدالة على علو شأو صاحبها في صنوف الأدب ودراية اللغة.
وهذا الباب المذكور نقل فيه أشياء كثيرة تضاف إلى الله تعالى اشتهرت على ألسنة العامة والخاصة وبعضها له أصل في الوحي المنزل، وبعضها لا أصل له.
فأردت التنبيه على بعضها متوخيًا جادة الإيجاز دون الإطالة والإسهاب، ومتبًعا في ذلك طريقة الإيضاح مع التنزل في العبارة، ومنهج البيان مع التلطف في الإشارة، والله الهادي إلي سبيل الرشاد.
· قال الثعالبي ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn2)):"( كتاب الله) قال ابن الرومى متمثلًا به:
وكأنما يمناى حين تناولت ... يمناك إذ صافحتنى بكتاب
أخذت كتاب الله وهو مبشر ... بكرامة الرضوان يوم حساب".
(قلت): قول ابن الرومي لا يصح الاستشهاد به على قواعد اللغة ومفرداتها؛ لأنه عاش في عصر لا يحتج بكلام أهله شعرًا ونثرًا كما هو بيِّنٌ لا يحتاج إلى إيضاح.
ولو استشهد بنحو قوله تعالى: (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ) [المائدة:44] لكان أحسن، وتلك إضافة غزيرة الوجود في الكتاب والسنة وشعر العرب ونثرهم.
ويعتذر له بأنه مثل بقول أهل الأدب والشعر كما هي عادة الأدباء، ولم يلتزم بإيراد قول ابن الرومي الاستشهاد الاصطلاحي.
· وقال رحمه الله ([3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn3)) :" ( خليل الله) اتخذ الله إبراهيم خليلًا واتخذ محمدًا حبيبًا والحبيب أخص من الخليل في الشائع المستفيض من العادات ألا تراه تعالى قال له (ما ودعك ربك وما قلى) بمعنى أحبك ومقتضى هذه اللفظة أنه اتخذه حبيبا ومما يؤيد ذلك ويؤكده أنه تعالى لا يحب أحدا ما لم يؤمن بمحمد ويتبعه ألا تسمعه يقول (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله) ".
(قلت): قوله (الحبيب أخص من الخليل) فيه نظر، والصواب عكسه وذلك لعدة أمور:
الأول: إخبار الله عن نفسه أن يحب صنوفًا كثيرين من المؤمنين، وإخباره أنه لم يتخذ خليلًا غير إبراهيم مع ضميمة إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه أنه اتخذه خليلًا.
قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة:195].وقال: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [المائدة: 222]. وقال: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران:159]. وقال: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) [آل عمران:146]. وقال: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [المائدة:42]. وقال: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) [التوبة:4]. وقال: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) [آل عمران:146].
وأخبرعن إبراهيم وحده فقال: (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا) [النساء:125].
وأخبر رسوله صلى الله عليه وسلم عن ربه أنه اتخذه خليلًا فيما رواه البخاري-وغيره- قال: حدثني عبد الله بن محمد،حدثنا أبو عامر، حدثنا فليح، قال: حدثني سالم أبو النضر، عن بسر بن سعيد، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: خطب رسول الله صلى الله عليه و سلم الناس، وقال: (ولو كنت متخذا خليلًا غير ربي لاتخذت أبا بكر ولكن أخوة الإسلام ومودته).
الثاني: إخباره صلى الله عليه وسلم أن يحب عائشة وغيرها من الناس مع إخباره أنه لو كان متخذًا خليلًا لاتخذ أبا بكر وحده.
الثالث: أن الخلة: شدة المحبة، ولذا قال الشاعر:
قد تخللت مسلك الروح مني ... وبذا سمى الخليل خليلا
¥