ابنُ تَيْمِيَّةَ لَيْسَ كَرَّامِيًّا
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[28 - 01 - 10, 09:53 ص]ـ
مُقَدِّمَةٌ
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإنه قد ساءني كثيرًا ما سمعته من رمي بعض أذيال الجهمية للشيخ العلامة والحبر الفهامة مفتى الأنام وشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني بتهمة أنه من فرقة الكرامية الضالة وأنه محيها من رمسها بعد أن عفى عليها الزمن وادعاؤهم: إنه يروج لها باسم مذهب السلف.
وما ذلك كله إلا لقصور عقولهم وعيِّ أفهامهم فمن وقف على مذهب شيخ الإسلام في الأصول والفروع علم قدره في التحقيق ودقة التصور وأمانته في النقل ونسبة الأقوال، وما بعثهم على ذلك إلا شيء من الجهل بذلك المنهج أو كلمات تلقفوها من رجال موتورين على مذهب السلف وأتباعه، وفضلاؤهم من يلم بأطراف من كلام الشيخ فيظن فيها التناقض ويعتقد صواب بعضها دون بعض، والحاصل أن جميعهم لم يحسنوا الفهم مع ما في صدورهم من البغض الشديد لأئمة الدين الذين قهروا الجهمية وأدخلوهم جحورهم ونفروا عنهم العامة وصرفوا عنهم وجوههم؛ وإلا فإن شيخ الإسلام ابن تيمية بيَّن غير مرة في كتبه أن الكرامية فرقة ضالة منحرفة خالفت السلف في أصول متكاثرة منها كصفات الله، ومسائل الأسماء والأحكام، ودخولهم في الكلام المذموم، وغير ذلك.
ولكنه حكم أيضًا أنهم أقرب إلى اعتقاد السلف من الجهمية والمعتزلة وكثير من الأشاعرة وغيرهم، وذلك في مسائل معروفة.
وشيخ الإسلام على عادته يصحح ما نسب خطأ إلى أي فرقة من الفرق ثم يبين ما فيه من الحق والباطل بعد ذلك، فيأتي قاصر في البحث أو عيي في الفهم فينسب إليه دفاعًا موهمُا عن فرقة معينة أو تصويبًا مدعىً لقول معين ولم يكن من ذلك شيء! وما هو إلا نسبة القول إلى قائله وتحقيق المذاهب والمقالات! ولو جمع ذلك المقصر كلام ابن تيمية من سائر كتبه لوجد كلامه يصدق بعضه بعضًا، ولوجده حكاية لمذهب السلف.
ولما كثر الكلام وعمت البلوى بدعاوى أناس متعصبين لمذهب الجهمية من أن الشيخ من الكرامية وأشياء أخرى باعثها سوء التصور والجهل بمقالات الناس وغير ذلك، كتبت هذه المقارنة الوجيزة بين الكرامية وشيخ الإسلام ابن تيمية في أبواب الاعتقاد المشهورة، ومهمات أخرى، ولا أدعي-فيها-الإحاطة والاستقصاء في تلك المقارنة فليس ذلك شرطي ولا بغيتي.
والله حسبي ونعم الوكيل.
1) الانْتِسَابُ
= الكرامية=
ظهرت في أوائل القرن الثالث الهجري على يد الصوفي محمد بن كرَّام السجستاني المتوفى سنة 255هـ، وكان في زمن مسلم بن الحجاج والدارمي تلميذ يحيي بن معين، وهو من طبقة أولئك، هجره أهل السنة وتكلموا فيه لما أسفر عن مذهبه في الصفات والإيمان والسلوك وغير ذلك.
وطرده الإمام أبو سعيد الدارمي وأهانه وتكلم فيه وذم بدعه.
وقال أبو العباس السراج: شهدت البخاري، ودفع إليه كتاب من ابن كرام يسأله عن أحاديث، منها: الزهري، عن سالم، عن أبيه - مرفوعا: الايمان لا يزيد ولا ينقص - فكتب أبو عبد الله على ظهر كتابه: من حدث بهذا استوجب الضرب الشديد، والحبس الطويل.
وكان يضع الحديث ويرى جواز وضع الحديث في الفضائل ونحوها كتزهيد الناس وأكثر من رواية الواهيات في فضائل يزيد بن معاوية.
وذلك لإكثاره الرواية عن أحمد الجويباري ومحمد بن تميم السعدي وهما كذابان.
=ابن تيمية=
أما شيخ الإسلام ابن تييمة (661 - 728) فهو ينتسب إلى أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم من الصحابة والتابعين وأئمة الدين من أمثال مالك والثوري والأوزاعي والزهري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق والبخاري والدارمي وأبي داود ويحيي بن معين والحمادين وعبد الله بن إدريس وأبي داود الطيالسي والترمذي وأبي حاتم وأبي زرعة وأمثالهم وأضرابهم، ومن نهج منهجهم من معاصريهم ومن جاء بعدهم.
قال:" كل من خالف شيئًا مما قلته فليكتب بخطه خلافه، ولينقل فيما خالف فى ذلك عن السلف، أو يكتب كل شخص عقيدة وتعرض هذه العقائد على ولاة الأمور ويعرف أيها الموافق للكتاب والسنة و ... من جاء بحرف واحد عن السلف بخلاف ما ذكرت فأنا أصير اليه، وأنا أحضر نقل جميع الطوائف أنهم ذكروا مذهب السلف كما وضعته وأنا موافق السلف ومناظر على ذلك" (مجموع الفتاوى3/ 206 - 207).
¥