تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تناقضات الأشعرية (8): في استدلالهم بقوله تعالى: " إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " على أن القرآن غير مخلوق

ـ[محمد براء]ــــــــ[05 - 03 - 10, 04:04 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

تناقضات الأشعرية (8): في استدلالهم بقوله تعالى: " إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " على أن القرآن غير مخلوق.

أجمع أئمة السنة على أن كلام الله عز وجل غير مخلوق، وكفروا الجهمية القائلين بخلقه، واستدلوا على هذا الأصل السني العظيم، بأدلة عقلية ونقلية وأدلة تجمع بين الوصفين.

ومن الأدلة العقلية النقلية على ذلك: قوله تعالى: ? إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ?.

وتقرير الاستدلال بهذه الآية على أن كلام الله تعالى غير مخلوق: أن " كن " من كلامه تعالى، ولو كانت " كن " مخلوقة، لافتقرت إلى " كن " أخرى، وهكذا، حتى يفضي إلى التسلسل المحال.

ومن أقدم من وجدته استدل بهذه الآية من أئمة السنة الإمام الفقيه أبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي صاحب الإمام الشافعي، الذي قال فيه: " لَيْسَ فِي أَصْحَابِي أَحَدٌ أَعْلَمَ مِنَ البُوَيْطِيِّ " (1)، المتوفى سنة 231 أو 232 هـ رحمه الله تعالى.

قال: " إنما خلق اللهُ كُلَّ شيء بكن، فإن كانت كن مخلوقةً فمخلوق خلق مخلوقاً " (2).

قال الإمام أبو القاسم اللالكائي رحمه الله تعالى: " وهذا معنى ما يعبرون عنه العلماء اليوم: إن هذا كن الأول كان مخلوقاً، فهو مخلوق بكن أخرى، فهذا يؤدي إلى ما يتناهى، وهو قول مستحيل " (3).

وهذه الآية يستدل بها أهل السنة على أصلين آخرين لا يتم الاستدلال الأول إلا بهما:

الأصل الأول: أن الفعل غير المفعول، والخلق غير المخلوق.

بيان ذلك: أن الله عز وجل يخلق الخلق بـ " كن "، وهذا الفعل، غير المفعول المكون.

قال الإمام أبو عبد الله البخاري في خلق أفعال العباد في بيان أسباب مغاليط الناس وأن منها أنهم لم يعرفوا الفعل من المفعول: " وأما الفعل من المفعول؛ فالفعل إنما هو إحداث الشيء، والمفعول هو الحدث، لقوله: ? خلق السماوات والأرض ?، فالسموات والأرض مفعوله، وكل شيء سوى الله بصفاته فهو مفعول، فتخليق السماوات فعله، لأنه لا يمكن أن تقوم سماء بنفسها من غير فعل الفاعل، وإنما تنسب السماء إليه لحال فعله، ففعله من ربوبيته حيث يقول: ? كُنْ فَيَكُونُ ? والـ (كن) منه: صفته، وهو الموصوف به، لذلك قال: رب السماوات، ورب الأشياء، وقال النبي صلى الله عليه و سلم: رب كل شيء ومليكه " (4).

والتفريق بين الخلق والمخلوق والفعل والمفعول " هُوَ قَوْلُ السَّلَفِ قَاطِبَةً، وَجَمَاهِيرُ الطَّوَائِفِ " كما قال شيخ الإسلام (5).

الأصل الثاني: أن كلام الله تعالى متعلق بمشيئته:

قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: " وقد دل القرآن وصريح السنة والمعقول وكلام السلف على أن الله سبحانه يتكلم بمشيئته، كما دل على أن كلامه صفة قائمة بذاته، وهي صفة ذات وفعل، قال تعالى: ? إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ?، وقوله: ? إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ?.

فـ (إذا) تُخلِّصُ الفعل للاستقبال، و (نقول) فعل دال على الحال والاستقبال و (كن) حرفان، يسبق أحدهما الآخر، فالذي اقتضته هذه الآية هو الذي في صريح العقول والفطر " (6).

قال مقيده عفا الله عنه: وقد صرح بهذا الأصل إمام أهل السنة أبو عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه بقوله: "إنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ "، وقد أولها بعض أئمة الحنابلة بأن بمَعْنَاهُ: إذَا شَاءَ أَنْ يَسْمَعَهُ (7)، وهو تأويل بلا دليل، والله أعلم.

وهذه الآية، استدل بها أئمة الأشعرية على أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وقرروا الاستدلال بذلك بنفس الطريقة.

قال الإمام الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر: " وأجمعوا على أن أمره عز وجل وقوله غير مُحدَث ولا مخلوق، وقد دل الله تعالى على صحة ذلك بقوله: ? ألا له الخلق والأمر ? ففرق تعالى بين خلقه وأمره.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير