تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال شيخ الإسلام: فيقال إذا كان الصانع قديما موجبا بالذات وعلته تامة أزلية لزم ألا يتأخر عنه شيء من موجبه ومعلوله كما ذكروا؛ لأن المتأخر إن كان قد وجدت علته التامة في الأزل لزم أن يكون أزليا لا يتأخر , وإن لم يوجد فقد وجدت علته التامة بعد أن لم تكن سواء كان الحادث شرطا من شروط تمام العلة أو غير ذلك ثم القول في علة تلك العلة كالقول في العلة التي هي معلول هذه؛ فيلزم ألا يكون لشيء من الحوادث علة تامة في الأزل وهذا لازم لقولهم لا محيد عنه؛ فإن العلة التامة تستلزم معلولها؛ فالحادث لا تكون علته تامة في الأزل فيلزم على ذلك ألا يكون شيء من الحوادث حادثا عن العلة التامة التي هي واجب الوجود , وحينئذ فأما أن تكون الحوادث حادثة بنفسها وهذا معلوم الفساد بالضرورة وهم يسلمون فساده , وإما أن تكون حادثة عن فاعل آخر غير الواجب الموجود بنفسه فله فاعل ثم ذلك الفاعل إن لم يكن واجب الوجود بنفسه فله فاعل والقول في حدوث الحوادث عنه كالقول في الأول , وإن كان واجب الوجود بنفسه كان القول فيه كالقول في ذلك الواجب إن كان علة تامة لزم ألا يحدث عنه حادث وإن لم يكن علة تامة بطل قولهم بالموجب بالذات فتبين فساد قولهم على كل تقدير.

الصفدية (1

18)

المسألة الثانية: الرد عليهم في مسألة أن الله اتصف بالصفة بعد أن لم يكن متصفا بها

وهي مسألة الترجيح بلا مرجح

قال ابن رشد: وأيضاً إن كان الفاعل حيناً يفعلُ وحيناً لا يفعل، وجب أن تكون هنالك علة صيَّرته بإحدى الحالتين أولى منه بالأخرى، فيُسأل أيضاً في تلك العلة مثل هذا السؤال، وفي علة العلة، فيمر الأمر إلى غير نهاية.

الكشف عن مناهج الأدلة (30)

قلت: وهذه المسألة تسمى عند العلماء بمسألة الترجيح بلا مرجح.

وذلك أن فعل الله راجع إلى مشيئته الممكنة؛ إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل , و طرفا الممكن هما الوجود أو العدم؛ وترجيح فعله لشيء في زمن دون زمن لا بد أن يستند إلى مرجح , أي إلى سبب؛ وما من زمن يتصور فيه الفعل أو الخلق , وإلا يتصور قبله أو بعده , فدل على لزومية إثبات فعل الله منذ الأزل.

قال شيخ الإسلام: وهذا قول أكثر المعتزلة والأشعرية وغيرهم؛ يقرون بالصانع المحدث من غير تجدد سبب حادث ولهذا قامت عليهم الشناعات في هذا الموضع، وقال لهم الناس: هذا ينقض الأصل الذي أثبتم به الصانع؛ وهو أن الممكن لا يترجح أحد طرفيه على الآخر إلا بمرجح؛ فإذا كانت الأوقات متماثلة، والفاعل على حال واحدة لم يتجدد فيه شيء أزلاً وأبداً ثم اختص أحد الأوقات بالحدوث فيه، كان ذلك ترجيحاً بلا مرجح.

درء التعارض (4

153)

وقال شيخ الإسلام: أما ما يذكره كثير من أهل الكلام عن أهل الملل المسلمين واليهود والنصارى أن الله لم يزل معطلا لا يتكلم ولا يفعل شيئا ثم حدث ما حدث من كلام ومفعولات بغير سبب حادث؛ فهذا قول لم ينطق به شيء من كتب الله لا القرآن ولا التوراة ولا الإنجيل ولا الزبور ولا نقل هذا عن أحد من أنبياء الله , ولا قاله أحد من الصحابة أصحاب نبينا صلى الله عليه و سلم ولا التابعين لهم بإحسان ولكن الذي نطقت به الكتب والرسل أن الله خالق كل شيء؛ فما سوى الله من الأفلاك والملائكة وغير ذلك مخلوق ومحدث كائن بعد أن لم يكن مسبوق بعدم نفسه وليس مع الله شيء قديم بقدمه في العالم لا أفلاك ولا ملائكة.

الصفدية (1

14)

المسألة الثالثة:قياس تأخر الفعل عن الفاعل بالإرادة والرد عليهم

وذلك أن الأشاعرة ردوا على شبهة عدم تصور تأخر الفعل عن الفاعل؛ بشبهة أن إرادة الفاعل يتصور أن تتأخر عن فعل الفاعل.

وقد فصل شيخ الإسلام في هذه المسألة , وبين أن الإرادة تنقسم إلى عزم وقصد؛ فالإرادة التي تسبق الفعل وتسمى عزما , وهذه تسبق الفعل , وأما الإرادة التامة التي تكون مع الفعل , وهي تسمى القصد فهذه لا تتأخر عن الفعل , وهذا هو القول الوسط في هذه المسألة.

فالأشاعرة قالوا الإرادة التامة قديمة (وهي بمعنى القصد) , والفعل حادث! , وهذا مما خالفوا به المعقول حتى سخر منهم ابن رشد رحمه الله؛ فكيف يتصور إرادة تامة قديمة وفعل حادث فهذا مناف للمعقول.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير