تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية: فقوله (وَلَا يَكُونُوا) نهي مطلق عن مشابهتهم، وهو خاص أيضاً في النهى عن مشابهتهم في قسوة قلوبهم، وقسوة القلوب من ثمرات المعاصي.

قال الحافظ ابن كثير عند تفسير هذه الآية: ولهذا نهي الله المؤمنين أن يتشبهوا بهم في شيء من الأمور الأصلية والفرعية.

وفي الباب آيات أخر كثيرة وفيما ذكرنا كفاية.

فتبين من هذه الآيات أن ترك هدى الكفار والتشبه بهم في أعمالهم وأقوالهم وأهوائهم من المقاصد والغايات التي أسسها، وجاء بها القرآن الكريم، وقد قام صلى الله عليه وسلم ببيان ذلك وتفصيله للأمة، وحققه في أمور كثيرة من فروع الشريعة. قال صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من عمل بسنة غيرنا ".

حتى عرف ذلك اليهود الذين كانوا في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وشعروا أنه صلى الله عليه وسلم يتحرى أن يخالفهم في كل شئونهم الخاصة بهم فقالوا: " ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه ".

وهذا لا ينحصر في باب واحد من أبواب الشريعة المطهرة كالصلاة مثلاً، بل قد تعداها إلى غيرها من العبادات والآداب والعادات.


* أمثلة على مخالفة شريعتنا لغيرها *

1 - من الصلاة:
- عَنْ أَبِى عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ اهْتَمَّ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم لِلصَّلاَةِ كَيْفَ يَجْمَعُ النَّاسَ لَهَا فَقِيلَ لَهُ انْصِبْ رَايَةً عِنْدَ حُضُورِ الصَّلاَةِ فَإِذَا رَأَوْهَا آذَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ قَالَ فَذُكِرَ لَهُ الْقُنْعُ - يَعْنِى الشَّبُّورَ [البوق]- فَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ وَقَالَ «هُوَ مِنْ أَمْرِ الْيَهُودِ». قَالَ فَذُكِرَ لَهُ النَّاقُوسُ فَقَالَ «هُوَ مِنْ أَمْرِ النَّصَارَى». فَانْصَرَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ وَهُوَ مُهْتَمٌّ لِهَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُرِىَ الأَذَانَ فِى مَنَامِهِ ... الحديث [رواه أبو داود]
- ومن ذلك ما رواه جندب بن عبد الله البجلي قال: سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ وَهُوَ يَقُولُ « ... أَلاَ وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ إِنِّى أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» [رواه مسلم]
- ومن ذلك ما رواه شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَالِفُوا الْيَهُودَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُصَلُّونَ فِى نِعَالِهِمْ وَلاَ خِفَافِهِمْ» [رواه أبو داود]
- وعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى رَجُلاً وَهُوَ جَالِسٌ مُعْتَمِدًا عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى فِى الصَّلاَةِ وَقَالَ: «إِنَّهَا صَلاَةُ الْيَهُودِ».
وفي رواية: «لا تجلس هكذا، إنما هذه جلسة الذين يعذ بون» [رواه البيهقى والحاكم]
2 - ومن الجنائز:
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِأَهْلِ الْكِتَابِ» [رواه أحمد بسند حسن]
3 - ومن الصوم:
- ما رواه عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ» [رواه مسلم]
- وما رواه أَبِو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لاَ يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ لأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ» [رواه أبو داود وغيره]
- وعَنْ لَيْلَى - امْرَأَةِ بَشِيرٍ – قَالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ أَصُومَ يَوْمَيْنِ مُوَاصِلَةً فَمَنَعَنِي بَشِيرٌ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ وَقَالَ: " يَفْعَلُ ذَلِكَ النَّصَارَى وَقَالَ عَفَّانُ يَفْعَلُ ذَلِكَ النَّصَارَى وَلَكِنْ صُومُوا كَمَا أَمَرَكُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ فَأَفْطِرُوا " [رواه أحمد وغيره]
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير