تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قوله رحمه الله: [والمبتدأةُ تجلسُ أقلّه ثمَّ تغتسلُ، وتصلّي] قوله: [أقلَّه]: الضمير عائد إلى الحيض، وأقله هو يوم وليلة على ما سار عليه المصنف-رحمه الله- ثم تغتسل، وتصلي، وقوله: [تجلس]: يعني تحكم بكونها حائضاً، كما قدمنا بيانه.

قوله رحمه الله: [فإِنْ انقطَع لأكثرِهِ، فَما دونَ اغتسلتْ عنْدَ انقطاعِهِ]: هذه مسألة ثانية، نحن قررنا أن ما دون أكثر الحيض يُعتبر فيه اليوم، والليلة، لكن عندهم أيضاً أمر آخر، حيث قالوا: إذا جرى معها الدم لأول مرة، واستمر يوما، وليلة حكمنا بكونها حائضا، ثم تغتسل بعد اليوم، والليلة، وتصوم، وتصلي، فإن انقطع لأقل من أكثر الحيض فإنه يلزمها أن تغتسل غُسلاً ثانياً؛ لاحتمال أن يكون الكلُّ حيضاً، لأنها إلى الآن ما ثبتت لها عادة، فاحتاطوا في ذلك وقالوا: نرجع إلى اليقين أنها حائض في اليوم والليلة، فنأمرها بالاغتسال بعد اليوم والليلة؛ لأنه يقين أنه حيض، وما زاد عليه مشكوك فيه فنبقى على الأصل من كونها طاهراً فتغتسل، فإذا إِنقطع دون خمسة عشر يوماً فما الحكم؟

قالوا: تغتسل غُسْلاً ثانياً، لإحتمال أن يكون عادتها، وهكذا في الشهر الثاني، والثالث حتى تثبت عادتها.

قال رحمه الله: [فإِنْ تَكَررَ ثلاثاً فحيضٌ، وتَقْضِي ما وَجَبَ فيه] قوله رحمه الله: [تكرر ثلاثاً] أي: تكرر إتيان دم الحيض ثلاثة أشهر بعدد واحدٍ لا يزيد عليه، ولا ينقص عنه، وقوله: [فحيض] أي أن عادتها في الحيض تكون ذلك العدد، وتعرف هذه المسألة عند العلماء بمسألة إثبات العادة، وقد إختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة في عدد الأشهر التي يُشترط تكرارها، وذلك على قولين:

القول الأول: وهو مذهب الجمهور، وهم المالكية، والشافعية، والحنابلة رحمهم الله: أن العادة تثبت بثلاثة أشهر تكون بعدد واحد، فإذا تكرر دم الحيض ثلاثة أشهر متتابعة بعدد واحد حكمنا بكونها معتادة بعد الشهر الثالث.

القول الثاني: أن العادة بشهرين، يتكرر فيهما الدم بعدد واحد لا يختلف، وهذا هو مذهب الحنفية رحمهم الله.

ومذهب الجمهور رحمهم الله أحوط، ومذهب الحنفية أقوى لأن المعاودة تحصل بالمرتين، وقد مشى المصنف رحمه الله على مذهب الجمهور في إثبات العادة، وهو إِشتراط التكرار ثلاثة أشهر، فمحل الخلاف: في اشتراط الشهر الثالث، وإذا ثبتت العادة، وجب الرجوع إليها، وقد دلّ على ذلك قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: [لِتنْظُر الأيامَ التي كانتْ تحيضهُنَّ قبلَ أنْ يُصيبَها الذي أَصابَها] فردّها عليه الصلاة والسلام إلى العادة، فدلّ على إعتبارها في الحيض، فلو أن امرأة سألتك، وقالت: إن الدم استمر معي عشرين يوماً فمتى أحكم بكوني طاهرة؟

تقول: هل لك عادة؟

فإن قالت: نعم كانت عادتي من قبل خمسة أيام، فتقول: اُمكثي خمسة أيام، ثم إذا مضت الخمسة الأيام فاغتسلي، وصلّي، وصومي.

إذاً تردها إلى العادة، وهذه فائدة معرفة ضابط العادة، حتى يُحتكم إليها بعد إثباتها عند اختلال دم المرأة، فإذا اختل وضع المرأة إما لجراحة، أو لمرض، أو لولادة، أو غير ذلك فإننا نردّها إلى العادة، وكما قلنا العادة بإجماع العلماء معتبرة.

وقوله رحمه الله: [وتَقْضِي ما وجبَ فيه]: يعني في ذلك الأمد الذي ثبت أنه حيض بعد ثبوت العادة وهو الأيام الزائدة على اليوم، والليلة خلال الشهر الأول، والثاني، والثالث.

فالمبتدأة على ما مشى عليه المصنف رحمه الله تجلس أقل الحيض، ثم تغتسل، ثم تصوم، وتُصلّي، فلو فرضنا: أن الدم كان يجري معها خمسة أيام، واستمر ثلاثة أشهر بذلك العدد، ثبتت عادتها بالخمسة، وتبيّن لنا بعد الشهر الثالث أن هذه المبتدأة مكثت يوماً من الشهر الأول، وأفطرت أربعة أيام، ثم مكثت يوما من الشهر الثاني، وأفطرت أربعة أيام، ثم في الشهر الثالث كذلك تقول: تقضي ما وجب عليها فيه، ما الذي وجب؟ وجب عليها الصوم، أما الصلاة فإن الحائض لا يجب عليها أن تصلي، فتقول: الأربعة الأيام التي كانت تصومها ظانهة أنها طاهر بعد اليوم والليلة خلال الثلاثة الأشهر يلزمها قضاؤها جميعها لأنه تبين أنها أيام حيض بعد ثبوت العادة، فهذا هو معنى قوله هنا: [وتقْضي ما وجب فيه] أي: تقضي الأيام

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير