تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[شرح مقدمة كتاب الزاد (النسخة التي اعتمدها وراجعها الشيخ محمد المختار الشنقيطي)]

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[24 - 05 - 07, 01:09 م]ـ

شرح مقدمة الكتاب

قال المصنف رحمه الله: [الحَمْدُ للهِ حَمْداً لا يَنْفدُ أَفضَلَ ما ينْبغي أَنْ يُحْمَد، وصلّى اللهُ، وسَلّمَ على أفضلِ المُصْطَفين مُحمَّدٍ]:

الشرح:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله، وسلم، وبارك على خير خلق الله أجمعين وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه أجمعين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين، أما بعد:

فهذه مقدمة المصنف-رحمه الله- لهذا الكتاب المبارك (أعني زاد المستقنع) إبتدأها رحمه الله بقوله: [الحمد لله].

وهذه البدآءة من عادة أهل العلم-رحمهم الله- فإذا أرادوا التصنيف، أو الخطابة، أو الكتابة، صدّروها بحمد الله-جلّ وعلا-.

ودليلهم في ذلك الكتاب، والسُّنة، والإجماع.

أما دليل الكتاب: فإن الله-تبارك وتعالى- إستفتح كتابه المبين بقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1) فاستفتح أفضل الكتب، وأشرفها، وأجلَّها على الإطلاق، وهو القرآن بقوله سبحانه وتعالى: {الحَمْدُ للهِ}.

قال بعض العلماء: في هذا دليل على أنَّه يُشرع إِستفتاح كتب العلم بحمد الله-جل وعلا-.

وأما دليل السُّنة: فإن النبي- - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - إستفتح خطبه بقوله: (الحمدُ لله) وثبت ذلك عنه-عليه الصلاة والسلام- في مواعظه المشهورة: كما في حديث عائشة رضي الله عنها في قصة بريرة رضي الله عنها حيث قالت:" فحَمِد الله، وأثنى عليه، ثمَّ قال ".

فقولها: " فحمد الله " أي: استفتح كلامه، وخطابه للناس بحمد الله.

وأجمع العلماء-رحمهم الله- على مشروعية إِستفتاح الكتب، ونحوها بحمد الله-جل وعلا-.

والمناسبة في ذلك: أن الله-جل وعلا- هو المستحق للثّناء، وما كان العبد ليعلَم، أو يتعلّم لولا أنّ الله علّمه، وما كان ليفهم لولا أن الله فهّمه.

فاستفتح بحمد الله الذي شرّفه، وكرّمه بالعلم كما قال سبحانه وتعالى: {عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (2).

وقالوا: كما أن النبي- - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - إستفتح الخطبَ بالحمد، فإنه يشرع استفتاح الكتب به؛ لأنّ الخطبة، والكتاب كلّ منهما هدفه واحد؛ وهو الدعوة إلى الله، فكما أنّ المراد من خُطبِه - عليه الصلاة والسلام - توجيه الناس، ودلالتهم على الخير، فكذلك المراد من كتابة الكتب، وتأليف المؤلفات توجيه الناس، ودلالتهم على الخير، فلهذا كلّه شُرع استفتاح كتب العلم، ورسائله، والخطب، والندوات، ونحوها مما فيه تعليم، وتوجيه بحمد الله؛ لما فيه من تعظيم الله-جلّ وعلا-، ولما فيه من الاعتراف بالجميل، والثّناء على الله العظيم الجليل.

قال المصنف رحمه الله: [الحَمْدُ للهِ]: الحمد في اللغة: الثَّناء، وقد أطبق على ذلك الأئمة، والعلماء في تعريفه اللغوي، ولذلك يقولون: حمدَ الشَّيءَ؛ إذا أثنى عليه.

والمراد بالحمد في إصطلاح العلماء: (الوصفُ بالجميلِ الاختياريّ على المنعم، بسبب كونه منعماً على الحامد، أو غيره).

فقولهم: (الوصف بالجميل الاختياريّ): المراد به: أن تذكر الصِّفة الجميلة في الإنسان، فإذا قلت مثلاً: محمد كريم، أو شجاع، أو فاضل فإنك تكون قد وصفته بالجميل فأنت حامد له، ومُثْنٍ عليه، وقولهم: (على المنعم) أي الذي أعطى النعمة، وهو الله تعالى وحده، والمخلوق بإذن الله تعالى، وبفضله.

فالصفات الجميلة تكون لله تعالى، فكلُّ صفاته جميلة جليلة سبحانه، وتكون للمخلوق بفضله سبحانه فإذا وصَفَ اللهَ تعالى، وأثنى عليه بما هو أهله فقد حمده، وإذا وصَفَ المخلوقَ بما فيه من الصفات الحميدة، وأثنى عليه بها فقد حمده.

وقولهم: (بسبب كونه منعماً على الحامد، أو غيره) أي: أن الحمد لا يتوقف على وجود إحسان، وإنعام من الشخص المحمود على الحامد، ومن هنا خالف الحمدُ الشكرَ لأن الشكر ينشأ بسبب الإحسان، والنعمة، وصار الحمد أعمَّ، فأنت تحمد من إتّصف بالصفات الجميلة بغضِّ النظر عن كونه أحسن إليك، أو أحسن إلى غيرك.

فأصبح الفرق بين الحمد، والشكر:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير