تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل السدل في الصلاة سنة؟]

ـ[أبو حفص الدبوي]ــــــــ[24 - 07 - 07, 06:00 ص]ـ

قال الأزهري (المالكي):

(السدل قوي وجائز وسنة، بل هو الأقوى عندي، ولا أقول بقول الشيخ ابن عزوز بأنه بدعة، بل قوله هذا مردود عليه .. وبودي لو أتحاور مع مطلع في هذه المسألة فأنصر أنا السدل وينصر هو القبض مستشهدا بأقوال الشيخ ابن عزوز مختصرا لها شيئا فشيئا حتى يكون حواري معه كأنه رد على رسالة ابن عزوز هذه والله الموفق، فمن يتطوع من الإخوة؟؟)

ثم قال (كنت من أبعد الناس عن الفقه، ومع أني مالكي فلم يكن شيء أشد علي من قول المالكية بالإرسال، فلم أزل أتعجب من ذلك معتبرا أنه من مخالفتهم للسنة ـ على طريقة السيد أحمد الغماري ـ حتى تقدمت قليلا في العلم وفهمت حجية عمل أهل المدينة عند المالكية، فصرت أعتذر لهم على طريقة ـ المسناوي وابن عزوز والسيد عبدالله ـ ثم لم أزل أنظر وأتقدم في الأمر باحثا المسألة على طريقة أهل الحديث حتى وقفت على الآثار الواردة عن بعض السلف في السدل كالوارد عن عبدالله بن الزبير وسعيد بن جبير وعطاء والنخعي والحسن وغيرهم فكبر علي الأمر ثم بعد سنين من البحث وقفت على هذا الخبر الذي لم يقف عليه حسب علمي من بحث هذه المسألة، ولم أر من أشار إليه في هذه المسألة قبل الفقير، أسوقه لكم من كتاب تاريخ الحافظ أبي زرعة الدمشقي المتوفى سنة 281هـ قال رحمه الله:

((حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم عن عبد الله بن يحيى المعافري عن حيوة عن بكر بن عمرو: أنه لم ير أبا أمامة - يعني ابن سهل - واضعاً إحدى يديه على الأخرى قط، ولا أحداً من أهل المدينة، حتى قدم الشام، فرأى الأوزاعي، وناساً يضعونه)) اهـ.

هذا إسناد على شرط البخاري من حاول الطعن فيه فليتأهب لأسانيد البخاري، وفيه كما ترون شهادة رجل من العلماء كان إمام المسلمين في مصر، إمام جامعهم ـ يصلون بصلاته ـ يحكي عن أبي أمامة بن سهل ـ وقد قيل عنه صحابي ـ أنه لم يره واضعا يدا على أخرى قط، وأنه لم ير أحدا من أهل المدينة يفعل ذلك، يعني ولا أهل الحجاز، حتى جاء إلى الشام فرأى الأوزاعي وجماعة يفعلون ذلك.

وبكر بن عمرو أقدم من مالك وأسن منه، وقد جاءكم بما كان عليه السلف قبل انتشار القبض، فلو أن القبض هو السنة دون الإرسال لكان أهل مدينة رسول الله أسرع الناس إلى ترك سنته من بعده، فليتق الله عبد نظر في هذا الخبر أن يلبس السلف وأهل المدينة وأهل بيت نبيهم وصحبه ترك السنة وهجرها، والله الموفق)

ثم نقل له أحدهم هذا الحديث (هل رواية أبي زرعة رحمه الله تتعارض مع هذه الرواية المدنية:

حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد الأنصاري قال

كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة قال أبو حازم لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم

قال إسماعيل ينمى ذلك ولم يقل ينمي.

رواها البخاري وأحمد ومالك في الموطأ.)

فرد عليه بهذا (يبدو لأول وهلة أن هذه تعارض تلك، فمن لم يفهم كيف ينظر في الأخبار ويحل مشكلها توهم أن هذا يعارض ذاك، وخبر سهل مؤيد للخبر الذي أوردناه في عمل أهل المدينة، وذلك أن سهلا قال: (كان الناس يؤمرون)، فقوله (كان) دال على أنه أمر قد كان، وليس فيه أن ذلك الأمر قد كان واستمر كائنا إلى أن توفي النبي صلى الله عليه وسلم، وخبر بكر بن عمرو دال على أن القبض ترك في المدينة ولم يعد له وجود ظاهر، فمن ضعف علمه قال: إن أهل المدينة تركوا ما كانوا قد أمروا به وخالفوا سنة نبيهم! ومن عقل وعرف فضل السلف قال: قد كانوا يؤمرون ثم ترك ذلك الأمر، أو كان آخر الأمرين من رسول الله ترك القبض، أو ترك الأمر به والالتزام به، فاقتدى به السلف من أهل مدينته صلى الله عليه وسلم فتركوه ..

ألا ترى سهلا قال: (يؤمرون) وليس أحد من أهل العلم قال بأن هذا أمر واجب، ولو كان حديث سهل محكما غير منسوخ ولا متروك وأنه على ظاهره لوجب أن يكون وضع اليمين على الشمال أمرا حتما لا زما أي واجبا يأثم تاركه، وقد أجمع أهل العلم القائلون بالقبض أنه سنة وليس بواجب فوجب ألا يكون الأمر الوارد في خبر سهل محكما ووجب أن يكون قد حدث بعده ما جرأ أهل المدينة على الإرسال ..

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يوافق أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ثم سن مخالفتهم كما في مسألة فرق الشعر، فقد روى البخاري وغيره عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَاأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

((كَانَ يَسْدِلُ شَعَرَهُ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ فَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ ثُمَّ فَرَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ)) اهـ.

وفي مصنف بن أبي شيبة عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كأني أنظر إلى أحبار بني إسرائيل واضعي أيمانهم على شمائلهم في الصلاة).

وفيه عن مجاهد أنه كان يكره أن يضع اليمنى على الشمال يقول على كفه أو على الرسغ ويقول فوق ذلك ويقول أهل الكتاب يفعلونه.

فلا يبعد أن يكون أمر القبض والإرسال قد كان من هذا الباب، فإذا كان أهل الكتاب يفعلون ذلك القبض في صلاتهم فلا يبعد أن يكون النبي وافقهم أولا ثم ترك ذلك، فأخذ عنه بعض قدماء أصحابه الوجه الأول دون الثاني ورحل إلى قومه، والاختلاف في تفسير الترك على أي وجه هو أمر آخر لا يلزم منه نسخ القبض بمرة عند من يرى القبض، وعليه لا تعارض بين خبر سهل وخبر بكر بن عمرو، والله أعلم.)

أرجو منكم توضيح المسألة ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير