تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن المتقدم للزواج ينبغي أن يحسن الظن بالله ويتوكل على الله ويتزوج، والكشف يعطي نتائج غير صحيحة أحياناً.

والحق أن الأدلة التى يستند إليها المعارضون للإزام بتوقيع الكشف الطبى على المقبلين على الزواج صحيحة لا شك فى ذلك، ولكنها لا تفيد المعنى الذى هدفوا إليه، بل لا يمنع من تقرير الفحص الطبى حديث أقرب فى المعنى إلى دعوى المنع، وهو صحيح، بل من رواية البخارى عن أبى هريرة راوى حديث " لا يوردن ممرض على مصح " وذلك قول النبى صلى الله عليه وسلم " لا عدوى ولا هامة ولا صفر "]] وفى رواية مسلم عن أبى هريرة أيضا زاد " ولا نوء " وفى رواية مسلم عن جابر بلفظ " لا عدوى ولا صفر و لا غول " ومن رواية الترمذى وأبى داود عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد مجذوم فأدخله معه في القصعة ثم قال: كُلْ بسم الله ثقة بالله وتوكلاً عليه" وإن استغربه الترمذى.

أقول هذه الروايات على صحتها، ومع كونها كالنص – أى ما سيق الدليل لإفادة حكمه قصدا– فى قضية الفحص الطبى، إلا أنها مع ذاك لا تؤكد المنع منه، لما فى قوله صلى الله عليه وسلم " لا عدوى " من احتمالات، ذكر السلف منها وجوها ثلاثة بغرض الجمع بين الحديثين " لا يوردن ... " و " لا عدوى " وذكر الدكتور محمود ناظم النسيمى وجها رابعا وذلك فى بحث رائع له بعنوان " العدوى ومشروعية الوقاية " ضمن عدة بحوث فى الإعجاز الطبى والوقائى على الموقع الألكترونى (موسوعة الإعجاز العلمى فى القرآن والسنة على الرابط الألكترونى: www.55a.net .

والباحث طبيب، وهو يقرر تعقيبا على أقوال السلف فى محاولات الجمع: وكان السبب الرئيسي لاختلاف فهمهم وتأويلهم عدم وضوح الناحية الطبية في ذلك في عصرهم فهم معذورون ولسعيهم مشكورون.وقد توسع في ذكر آرائهم وأوجه الجمع بين أحاديث هذا البحث الحافظ ابن حجر المتوفي سنة 852هـ فى كتابه الواسع (فتح الباري بشرح البخاري)، وبما أن بعض تلك المفاهيم والأوجه مفرقة في بطون الكتب، وأن علماء عصرنا قد ينقل أحدهم هذا القول أو ذاك خلال حديثه أو خطبته أو جوابه لسؤال يعرض عليه، فقد رأيت من واجبي أن أدرس مجموعة الأحاديث الواردة في موضوع العدوى وفي الأمراض السارية وما قاله الشراح في ذلك وأن أقابل ذلك بالحقائق الطبية الثابتة اليوم، ليكن فهمي للحديث الواحد منها منسجماً مع مجموعها، ولأختار من أقوال العلماء وشراح الأحاديث الأبرار ما ينسجم مع حقائق الطب الحديث. ثم أقدم نتيجة بحثي إلى القراء الكرام مستعيناً بالله تعالى العليم الخبير.

وانتهى الدكتور النسيمى إلى أن الفهم الكامل للأحاديث المتعلقة بالطب يتوقف على معرفة الحقائق الطبية الثابتة، وإلى أن الطب في زمان السلف كان قاصراً، وخاصة فيما يتعلق بالأمراض الإنتانية المعدية ()، حيث لم تكن عواملها الجرثومية مكتشفة بعد وبالتالي لم تكن الأمراض مفرّقة بالتشخيص بعضها عن بعض، وكثيراً ما كانت تحشر أمراض عديدة تحت اسم مظهر مرضيّ واحد، ذلك المظهر الذي يعرف في الطب الحديث باسم تناذر مرضيّ، فاقتضى ذلك مني أن أختار من أقوال علماء المسلمين المتقدمين ما يأتلف مع كل زمان وما يوافق الحقائق الطبية الثابتة في زماننا، وذلك في سبيل الجمع والتوفيق بين الأحاديث التي تثبت العدوى والأحاديث التي جاء فيها نفي العدوى. أقول أوجه الجمع والفهم لمجموعها ولا أقول بترجيح بعضها على البعض الآخر، لأنه يمكن الجمع والتوفيق كما سأبين. ومن المقرر الثابت في علم مصطلح الحديث أن (طريق الترجيح لا يصار إليه إلاّ مع تعذر الجمع)

وبعد أن روى سيادته الأحاديث التى أوجبت شبهة التعارض ختم بقوله:

وأما أوجه الجمع والتوفيق بين الأحاديث السالفة فقد ذكرها الحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري عند شرحه لحديث لا عدوى في باب الجذام. واخترت منها ثلاثة مسالك لقوة الحجة فيها ولتلائمها مع ما توصل إليه العلم الحديث من معلومات طبية قطعية، ولإمكان العمل بالأوجه الثلاثة معاً. وسأضيف وجهاً أو مسلكاً رابعاً في الجمع ذهب إليه بعض العلماء وهو ينسجم مع شطر من أحاديث الباب وله فائدة عملية في التطبيق أيضاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير