تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(ومن المنهي عنه ما لا يبطل) أي لا يبطل النهيُ عنه البيعَ بخلافه فيما تقدم حيث يَبْطَلُ البيعُ لرجوعه أي لرجوع النهي (إلى معنى يقترن به) أي ليس النهي عن البيع بل لأمر آخر كالتضييق والإيذاء والتغرير (كبيع حاضر لباد بأن يقدم غريب بمتاع تعم الحاجة إليه ليبيعه بسعر يومه فيقول بلديٌ اتركه عندي لأبيعه على التدريج بأغلى) من بيعه حالاً وذلك لأخبار منها:

- روى مسلم عن جابر أن النبي (ص) قال: " دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض.

- وروى الشيخان عن أبي هريرة "لا يبيع حاضرٌ لباد".

- ومثله عند مسلم عن أبي الزبير "لا يبيع حاضر لباد".

- وروى الشيخان عن ابن عباس "نهى رسول الله (ص) أن تُتَلقى الركبان وأن يبيع حاضر لبادٍ"

فبيع الحاضر للباد يؤدي غالباً إلى التضييق على الناس خاصة إذا كان المتاع مما تعمُ الحاجة إليه كالأطعمة وأما إذا كان المتاع مما لا تعم الحاجة إليه فلا يدخل في النهي وكذلك إذا جاء البائع ليبيع بسعر اليوم فإن هذا يضييق على الناس أما إذا جاء ليبيع على التدريج أو ليضعه أصلاً عند من يبيعه له على التدريج فلا بأس بالبيع إن طلب البلديُ تفويضَ البيع على التدريج إليه والنهي للتحريم ويصحُ البيعُ لتكامل شروطه وأركانه ويأثمُ البلديُ دون البدويُ.

(وتلقى الركبان بأن يتلقى طائفةً يحملون متاعاً إلى البلد فيشتريه قبل قدومهم ومعرفتهم بالسعر ولهم الخيار إذا عرفوا الغبن) فقد روى الشيخان: عن أبي هريرة أن النبي (ص) قال: "لا تتلقوا الركبان للبيع" وزاد مسلم فمن تلقاها فصاحب السلعة بالخيار بعد أن يَقْدُمَ السوقَ والعلة في المنع مقصود فيه مصلحة الجالب فلو هبط السوق وتبين له أنه قد غُبِنَ في السعر ولو غَبْناً يسيراً فهو بالخيار إن شاء فسخ البيع وإن شاء أمضاه وليس له الفسخ إلا إذا تبين أنه مغبون ولو كان البيع باطلاً لما جعل النبي (ص) الخيار فيه لأن الخيار لا يكون إلا في بيع صحيح. وحيث ثبت لهم الخيار فهو على الفور أما تلقى الركبان لبيعهم ما يقصدون شراءه من البلد فلا شيء فيه إذا كان برغبتهم وطلبهم لتحقق شروطه ولعدم المانع الشرعي.

(والسوم على سوم أخيه) فقد روى الشيخان عن أبي هريرة أن النبي قال: "لا يسوم الرجل على سوم أخيه" وروى الشيخان عن ابن عمر "لا يبع بعضكم على بيع بعض" وهو خبر بمعنى النهي فيأثم فاعله إذا ان عالماً به (وإنما يحرم ذلك بعد استقرار الثمن) بأن يصرحا بالتوافق على ثمن معين فيأتي ثالث فيقول لمن أخذ شيئاً ليشتريه ردّهُ حتى أبيعك خيراً منه بهذا الثمن أو مثله أو خيراً منه بأقل أو يقول لمالكه استرده لاشترَيهُ منك بأكثر مما بعت فلو باع أو اشترى صح البيع لأن التراضي صريح أما إذا لم يصرحا بالبيع أو سكت أحدهما أو كلاهما فإن السوم لا يحرم وأكثر المبيع إنما يكون بالمساومة. فقد روى أحمد وأبو داود عن أنس أنه (ص) نادى على قدح وَحلْس لبعض أصحابه فقال رجل هما عليَّ بدرهم ثم قال الآخر عليَّ بدرهمين ورواه النسائي والترمذي وقال حسن (والبيع على بيع غيره قبل لزومه) لبقاء خيار مجلس أو شرط أو اطلاع على عيب في وقت يصعب الردُّ فيه كليل أو قيلولة أو شدة حرٍّ أو شدة برد (بأن يأمر المشتري بالفسخ ليبيعه مثله) أي مثل المبيع بأقل من ثمنه (والشراء على الشراء) قبل لزومه (بأن يأمر البائع بالفسخ ليشتريه) بأكثر مما باعه. فقد روى الشيخان عن ابن عمر "لا يبيع بعضكم على بيع بعض" وزاد النسائي حتى يبتاع أو يذر. وروى مسلم عن عقبة بن عامر "المؤمن أخو المؤمن فلا يحل لمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه حتى يذر ولا يخطب على خطبته حتى يذر". والمعنى في تحريم ذلك الإيذاء أما لو أذن البائع في البيع على بيعه عن رضا لا لنحو ضجر وضيق فقد ارتفع التحريم ولو باع أو اشترى دون إذن صح البيع والشراء لوجود شروط البيع كاملة.

(والنجش بان يزيد في الثمن لا لرغبة بل ليخدع غيره) فيشتريها أي غيره وهو محرم ولو كان المال ليتيم أو فقير أو محتاج لعموم النهي فقد روى الشيخان عن ابن عمر أن النبي (ص) نهى عن النجش.

(والأصح أنه لا خيار) للمشتري لتفريطه بعد تأمله للسلعة ولعدم سؤال أهل الخبرة والاستعانة بهم والثاني له الخيار أن ثبت أن النجش كان بمواطأة من البائع لأنه في هذه الحالة مدلس كحكم التصرية أما إذا لم يثبت فلا خيار جزماً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير