وزناً للضرورة وَيُرَدُّ المثل في المثلي ولو نقداً أبطله السلطان لأنه أقرب إلى حقه والمثلي هو ما حصره وزن أو كيل وجاز السلم فيه وفي المُتَقَوّم المثل صورة أي يرد مثلَ صورته فقد استلف الرسول صلى الله عليه وسلم بكراً وهي صغيرة السن وردَّ رباعياً وهي التي أتممت ست سنين وقال: إن خياركم أحسنكم قضاءً. ومن لازم اعتبار الصورة اعتبار ما فيه من المعاني التي تزيد بها القيمة فيردّ ما يجمع تلك المعاني كفراهة الدابة ودقة الصنعة وجوده الثمرة ونقاء العسل والزيت والسمن ونظافة القمح والشعير والأرز والذرة ... الخ. وقيل القيمة أي يرد القيمة كالمتلف وتعتبر القيمة يوم الإقراض أي يوم قبض القرض وإذا اختلفا في قدر القيمة أو في صفة المثل فالقول قول المستقرض وأداء القرض في الصفة والزمان والمكان كالمُسْلَم فيه ولو ظفر المُقْرضُ به أي بالمقتَرِضِ في غير محل الإقراض وللنقل من محله إلى غيره مؤنة طالبه بقيمة بلد الإقراض وليس له المطالبة بالمثل لوجود المؤنة أما إذا لم يكن لنقله مؤنة كالنقد فله مطالبته به في أي موضع وجده فيه إذا حلَّ وقت الوفاء.
ولا يجوز الإقراض في نقد وغيره بشرط ردِّ صحيح غير مكسر أو أن يردَّ زيادةً على القدر المُقْرَضِ أوردِّ جيد عن رديء أو غير ذلك من كل شرط جر منفعة للمقرض فإن فعل فسد العقد لما روى البيهقي عن جمع من الصحابة فيهم علي وابن عباس وابن مسعود وأبي بن كعب وعبد الله بن سلام (كل قرض يجرُّ منفعة فهو ربا)، وهو مع ضعفه فقد ورد معناه عند جمع من الصحابة ومعنى النهي أن موضوع عقد القرض الإرفاق فإذا شرط فيه لنفسه حقاً فقد خرج عن معناه فمنع صحته. ولو ردَّ هكذا زائداً على القدر أو الصفة بلا شرط فحسنٌ بل مستحب للحديث السابق (إن خياركم أحسنكم قضاءً)، رواه مسلم. ولا يُكْرَهُ للمقرض أخذه ولا أخذ هدية المستقرض بغير شرط فقد بوّب له البخاري فقال: باب إذا أقرضه إلى أجل مسمى أو أجله في البيع ثم قال: وقال ابن عمر في القرض إلى أجل لا بأس به وإن أعطى أفضل من دراهمه ما لم يشترط.
ولو شرط مكسراً عن صحيح وأن يقرضه غيره أي أن يقرض المُقْرضُ المقترض قرضاً آخر لغا الشرط فيهما ولم يجب الوفاء به لأنه وعد تبرع والأصح أنه لا يفسد العقد إذ ليس فيه منفعة للمقرض كما أنه زيادة في الإرفاق والإحسان.
ولو شرط أجلاً فهو كشرط مكسر عن صحيح إن لم يكن للمقرض غرضٌ أي لا يعتبر الأجل ويصح العقد وإن كان للمقرض غرض كزمن نهب فكشرط صحيح عن مكسر في الأصح فيفسد العقد وقيل يصح ولكن يلغو الشرط.
وله أي يحق للمقرض شرط رهن وكفيل وإشهاد وإقرار عند حاكم لأنه مجرد توثيق حق لا منافع زائدة فيها فإن أبى المقترض ذلك فللمقرض الفسخ وفي الحقيقة للمقرض الفسخ مطلقاً ويملك المقترض القرض بالقبض كالهبة وفي قول يملك بالتصرف الذي يزيل الملك من يد المقرض وله أي للمقرض الرجوع في عينه ما دام باقياً بحاله في الأصح ويلزم المقترض رده أما إذا فقده أو أتلفه فللمقرض المطالبة بمثله.
خاتمة: روى ابن عدي في الكامل والبزار والبيهقي وأبو داود في المراسيل (لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة وحث عليها قال أبو ضمضم: اللهم إني أتصدق بعرضي على من ناله من خلقك، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم منادياً فنادى: أين المتصدق بعرضه؟ فقام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد قبل صدقتك).
ولو أقرض ذمي ذمياً خمراً ثم أسلما أو أحدهما بطل القرض ولم يجب على المقترض شيء سواء كان هو المقترض أو المقرض لأنه إذا أسلم لم تجز أن يجب عليه خمر لعدم ماليتها ولا يجب بدلها لأنها لا قيمة لها ولذلك لا يضمنُها إذا أتلفها وإن كان المقرض لم يجب له شيء لذلك.
? كتاب الرهن ?
الرهن في اللغة الثبوت والدوام ومنه الحالة الراهنة أي الثابتة وتقول العرب ماء راهن أي راكدٌ ونعم راهنة أي نعمة دائمة وقيل هي الحبس قاله الماوردي ومنه قوله تعالى: (كل نفس بما كسبت رهينة).
قال الشاعر: وفارقتك برهن لا فكاك له يوم الوداع فأضحى الرهن قد غلقا، فقلبه مرهون لها وغلق الرهن أي استحق لعجز الراهن عن فكاكه.
وشرعاً: جعل عين مال وثيقة بدين يُستوفي منها عند تعذر وفائه ويفهم من ذلك أنه لا يلزم كون المرهون على قدر الدين.
¥