تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجهاد طلب الشهادة والدين يمنع الاستشهاد كما مرَّ فلم يَجُزْ من غير إذن من له الدين ويحرم الجهاد إلا بإذن أبويه إن كانا مسلمين أو أحدهما فقد أخرج البيهقي في السنن عن أبي سعيد الخدري (أن رجلاً هاجر إلى النبي من اليمن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (هجرة الشرك وبقي هجرة الجهاد) ثم قال له: ألك أحد في اليمن؟ فقال: أبواي، فقال: أذنا لك؟ فقال: لا، فقال صلى الله عليه وسلم: (مرّض إليهما فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإن لم يأذنا لك فبرهما)).

وأخرج الشيخان عن اب مسعود قال: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ فقال: الصلاة لميقاتها، قلت: ثم ماذا؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله) فدلّ هذا على أن بر الوالدين مقدم على الجهاد.

لا سفر تعلم فرض عين فلا يحتاج إلى إذن الأبوين لأن الغالب من سفره السلامة وقيل هذا مشروط بعدم وجود من يعلمه من بلده فعند إذن يتعين عليه الخروج إن كان له ماله وليس للأبوين منعه فإذا إذن أبواه والغريم بالجهاد ثم رجعوا عن الإذنوعلم بذلك قبل التقاء الجمعين وجب عليه الرجوع لأنه في هذه الحالة كما لو كان في وطنه قال الشافعي: إلا أن يخاف إذا رجع تلفاً فلا يرجع إن لم يحضر الصفة فإن كان الرجوع من الوالدين أو الغريم بعد التقاء الصفين فليس له أن يرجع قال تعالى: (ومن يولهِّم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله) الأنفال16. فإن رجوعه في هذه الحالة ربما كان سبباً لهزيمة المسلمين فلم يكن له ذلك.

فإن شرع من قتال حَرُمَ الانصراف في الأظهر لوجوب المصابرة قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا) الأنفال45. والانصراف من المعركة يشوش الصفوف ويكسر القلوب الثاني من حال الكفار أن يدخلوا بلدة لنا أو ينزلوا في جزر أو حبل في دار الإسلام ولو كان بعيداً عن المدن المأهولة بالسكان فليزم أهلها دفع بالممكن ويكون الجهاد حينئذ فرض عين قال تعالى: (انفروا خفافاً وثقالاً) التوبة41. فالنفير يعم الجميع المقل منهم والمكثر ولا يجوز لأحد التخلف إلا من يُحْتَاجُ إلى تخلفهم لحفظ المكان والأهل والمال روى الشيخان عن ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وإذا استُنْفِرتم فانفروا)) فإن أمكن تأهب لقتال بأن لم يهجموا علينا بغتة وجب الممكن لدفع الكفار بحسب القدرة حتى على فقير بما يقدر عليه وولد ومدين وهو من عليه دين وعبد بلا إذن من أبوين وصاحب دين وسيد وينحلُّ الحجر عنهم لأن دخول الكفار إلى أرض الإسلام أمر عظيم لا يهمله إلا من لا دين له ولا غيره ويجوز لآحاد الناس أو يردوا الكفار دون استئذان الإمام إن كان إمام وتعذر استئذانه لأن المصلحة تتعين في قتالهم لتعين الفساد في تركهم ولذلك (لما أغار الكفار على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم فصادفهم سلمة بن الأكوع خارجاً من المدينة تبعهم فقاتلهم من غير إذن فمدحه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (خير رجالتنا سلمة بن الأكوع) وأعطاه سهم فارس وراجل) وقيل إن حصلت مقاومة بأحرار اشتُرِطَ إذن سيدهم أي العبد لأن في الأحرار غنية والأصح لا يشترط الإذن لتقوى شوكة المسلمين ويشتد ساعدهم وإلا بأن لم يمكن أهل البلدة التأهب لقتال الكفار وذلك بأن هجموا فجأة فمن قُصِدَ من المكلفين ولو امرأة أو مريض دفع عن نفسه الكفار بالممكن إن علم أنه إذا أخذ قُتِلَ أو لم تأمن المرأة فاحشة إذا أخذت وإن جوّزَ المكلف الأسرى إن ظن أنه إن امتنع منه قتل لأن ترك الاستسلام حينئذ تعجيل للقتل إن أمن الفاحشة أو القتل ولو أريدت منه الفاحشة فله الدفع ولو بعد الأسر. أما المرأة فإن علمت امتداد الأيدي إليها بالفاحشة فعليها الدفع وإنت قتلت لأن الفاحشة لا تباح عند خوف القتل وإن توقعت امتداد الأيدي بالفاحشة بعد الاستسلام جوّزَ ذلك على أن تدفع عن نفسها إذا أُريد منها ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير