تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

شرط الإمام كونه مسلماً ليراعي مصلحة الإسلام والمسلمين مكلفاً ليَليَ أمر الناس فلا تصح إمارة صبي ولا مجنون إجماعاً. حراً ليكون موقراً مهيباً كاملاً. أما ما رواه مسلم عن أم الحصين (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اسمعوا وأطيعوا وإن أُمِّرَ عليكم عبد حبشي)) فمحمول على غير الإمامة العظمى وهو حث على طاعة الإمام لأنها قضية شرطية ذكراً ليتمكن من مخالطة الرجال وليتفرغ لمصالح الأمة فقد روى البخاري عن أبي بكرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أفلح قومٌ ولَّوا أمرهم امرأة)) فاقتضى الخبر أنها إذا وليت فسدُ أمر مَنْ وَليتْهُم.

قرشياً لقوله صلى الله عليه وسلم: (الأئمة من قريش) رواه النسائي عن أنس وروى البخاري عن أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الناس تبع لقريش)). وروى الشيخان عن ابن عمر (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بق منهم اثنان)). عدلاً عالماً مجتهداً ليعرف الأحكام ويعرف الناس شجاعاً ليغزو بنفسه ويقود الجيوش ويدبر أمرها ويقهر الأعداء ويقيم الحدود ذا رأي وسمع وبصر ليعرف الناس ويدبر مصالحهم الدينية والدنيوية. وتنعقد الإمامة بطرق أحدها البيعة كما بايع الصحابة أبا بكر رضي الله عنه وكان أول من بايعه عمر بن الخطاب فقد روى البخاري عن عمر أنه قال لأبي بكر: (بل نبايعُكَ أنت سيدُنا وخيرنُا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ عمر بيده فبايعه الناس)، والأصح أم المعتبر هو بيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يتيسر اجتماعهم، والمعتبر بيعة أهل الحلِّ والعقد من العلماء والرؤساء وسائر وجوه الناس وأقلهم ثلاثة وذلك أقل الجمع عندنا ولا يلتفت لاجتماع العامة لأنهم تبع لأهل الاجتهاد وقيل يشترط كونهم أربعين رجلاً. وشرطهم صفة الشهود أي ذكراً بالغاً عاقلاً مسلماً عدلاً ولابد أن يكون بينهم مجتهدٌ على الأقل لينظر في الشروط المعتبرة في الإمامة.

وباستخلاف الإمام تنعقد البيعة أيضاً وذلك بتعين شخص في حال حياته ليكون خليفة له على أن تجتمع فيه شروط الإمامة ويقال عند ذاك عَهِِدَ إليه كما عَهِدَ أبو بكر إلى عمر رضي الله عنهما فلو جُعِلَ الأمر شورى بين جمع اثنين فصاعداً فكاستخلاف في الحكم غير أن المستخلف غير معين فيتشاورون فيرتضون أحدهم بعد موت الخليفة كما جعل عمر الأمر شورى بين ستة: علي والزبير وعثمان وعبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة، فاتفقوا على عثمان رضي الله عنه وأرضاه وباستيلاء جامع الشروط اللازمة للإمامة تنعقد الإمامة وذلك بأن قهر الناس بشوكته وجنوده من غير عهد ولا بيعة وذلك بعد موت الإمام لينتظم شمل المسلمين.

وكذا فاسق وجاهل تنعقد به الإمامة في الأصح وإن كان عاصياً ولا يختص الحكم بالفاسق والجاهل بل بسائر الشروط إذا فُقِدَ واحد منها كذلك كالعبد والمرأة والصبي المميز ولا تنعقد الإمامة بالكافر مطلقاً ولو تغلب لقوله تعالى: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً) النساء141. قلت: لو ادعى أهل بلد عادت من أيدي البغاة إلينا دفع زكاة إلى البغاة صدق إن علم الإمام بذلك أو أقامت عنده بذلك بينة بلا يمين وإن لم يعلم الإمام بذلك ولا قامت بينة بذلك فإن دعوى من عليه الزكاة مخالفة للظاهر فيحلِّفهُ الإمام وَيُصَدَّقُ بيمينه على الصحيح أو جزية أي إذا ادعى مَنْ عليه الجزية دفعها إلى البغاة ولم تقم بينة بذلك ولا علم الإمام فلا يقبل قول من عليه الجزية على الصحيح لأنهم كفَّارٌ فليسوا بمؤمنين.

وكذا إذا ادعى من عليه الخراج دفع خراجٍ لأرض فلا يصدق في دفعه من غير بينة كدفع ثمن المبيع والثاني يصدق لأنه مسلم فَقُبِلَ قوله مع يمينه.

ويصدق من عليه حدٌّ في إقامة حدٍّ إلا أن يثبت ببينة أي الحدُّ ولا أثر له في البدن يدل على إقامة الحدِّ أما لو ثبت الحدُّ بالإقرار فيصدق مَنْ عليه الحدُّ أنه قد أُقيمَ الحدُّ لأنه يُقْبَلُ رجوعه عن الإقرار فتصديقه بإقامة الحد يكون كقبول رجوعه عن الإقرار والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير