(ومراتب الخلاف) من حيث القوة والضعف وهي في الأقوال والأوجه لتمييز الراجح من غيره.
(في جميع الحالات) أي أنه إذا ذكر خلافاً بيَّن مرتبته خاصة إذا كان الذي يقابل النص وجه أو تخريج.
(فحيث أقول الأظهر أو المشهور فَمِنْ) أي أن أحدهما كائن من جملة (القولين أو الأقوال) للإمام الشافعي (فإن قَوِيَ الخلاف) لقوة دليل غير الراجح وعدم شذوذه أو تكافؤ دليليهما في أصل الظهور. ويمتاز الراجح بكون معظم الأصحاب عليه أو بكون دليله أوضح وأحياناً لا يقع تمييز بين الراجح وغيره.
(قلت الأظهر) وهو الرأي الراجح من القولين إذا كان الاختلاف قوياً؛ لأن كلاً منهما يعتمد على دليل قوي وقوله الأظهر يشير إلى قوة مقابله وأحياناً يشار إلى ذلك بقولهم: وفي قول (وإلا) يَقْوَ الخلافُ (فالمشهور) المشعر بغرابة مقابله فالمشهور إذن هو الراجح من القولين أو الأقوال إذا كان الاختلاف ضعيفاً وفي مقابله المرجوح الضعيف ويقال فيه أيضاً: وفي قولٍ.
(وحيث أقول: الأصم أو الصحيح فمن الوجهين أو الأوجه فإن قوي الخلاف قلت الأصح) أي أن الأصح هو الحكم الراجح في المذهب من بين آراء الأصحاب وذلك عند قوة الخلاف ولكل وجهٍ دليل ظاهر وقوي وأحياناً يكون الأصح من الوجوه والآراء بترجيح مجتهد آخر (وإلا) يَقْوَ الخلاف (فالصحيح) وهو الراجح من آراء الأصحاب فالوجه المعتمد من آرائهم هو الصحيح وهو المشعر بانتقاء الصحة عن مقابله وأنه فاسد وضعيف ويعبرون عنه بقولهم: وفي وجهٍ وقد أطبق علماء المذهب على أن التعبير بالصحيح قاضٍ بفساد مقابله وعلى هذا نُدِبَ الخروج منه وإذا قلنا إن الفساد حقيقي فقد يكون بالنسبة لقواعدنا دون قواعد غيرنا فليتنبه لذلك.
(وحيث أقوال المذهب فمن الطريقين أو الطرق) أي هو اختلاف الأصحاب في حكاية المذهب فيقول بعضِهم مثلاً: في المسألة قولان أو وجهان ويقول بعضهم: في المسألة تفصيل ويقول بعضٌ هو قول واحد ولا نص سواءْ ويقول بعض: في المسألة خلاف مطلق وقد يستعملون الوجهين في موضع الطريقين وقد وقع ذلك في المهذب في مسألة ولوغ الكلب وقد يستعملون القولين بدلاً من الوجهين كما في المهذب في باب كفارة الظهار إذا أفطرت المرضع ومنه قول صاحب المهذب في زكاة الدين المؤجل وجهان أحدهما على قولين والثاني يجب ثم المذهب هو الرأي الراجح قولاً أو وجهاً عند اختلاف الأصحاب في حكاية المذهب بذكرهم الطرق.
(وحيث أقول النص فهو نص) الإمام (الشافعي) ويراد به ما كتبه الشافعي أو أسْنِد إليه
(–رحمه الله-) وهو أول من تكلم في أصول الفقه وأول من قرر ناسخ الحديث ومنسوخه قال للربيع أنت راوية كتبي فعاش الربيع المرادي بعده نحواً من سبعين سنة حتى صارت الرواحل تشد إليه لسماع كتب الشافعي.
(ويكون هناك وجه) مقابل للنص (ضعيف) وهو خلاف الراجح لا يعتمد وإن كان في دليله قوة (أو قول مخرج) والتخريج أن يجيب الشافعي بحكمين مختلفين في صورتين متشابهتين ولم يظهر الفرق بينهما فينقل الأصحاب جوابه في كل صورة إلى الأخرى فيحصل في كل صورة منهما قولان: منصوص ومخرج أحدهما في الأولى والآخر في الثانية والغالب في مثل هذا عدم إطباق الأصحاب على التخريج بل منهم من يُخرِّج ومنهم من يبدي فرقا ًبين الصورتين ومن ذلك النص في مُضْغة قال القوابل لو بقيت لتصورت إنساناً دليل على انقضاء العدة؛ لأن مدار العدة على براءة الرحم وقد وجد وعدم حصول أمية الولد لأن مدارها على وجه الولد ولم يوجد.
(وحيث أقول الجديد فالقديم خلافه أو القديم أو في قول قديم فالجديد خلافه) والقديم ما قاله الشافعي –رحمه الله- قبيل دخوله مصر والجديد ما قاله في مصر أو بعد خروجه الأخير من بغداد تصنيفاً أو إفتاءً ومنه المختصر والبويطي والأم والقديم ما كان قبل ذلك والعمل على الجديد؛ لأن القديم مرجوع عنه إلا في نحو من عشرين مسألة ولقد أفتى أصحابنا ببعض هذه المسائل على القديم حيث أداهم اجتهادهم إلى القديم لظهور دليله وهم مجتهدون فأفتوا به ولا يلزم من ذلك نسبته إلى الشافعي ولم يقل أحد من المتقدمين في هذه المسألة: إنها مذهب الشافعي قال أبو عمرو بن الصلاح فيكون اختيار أحدهم للقديم فيها من قبيل اختياره مذهب غير الشافعي إذا أداه اجتهاده إليه فإنه إن كان ذا اجتهاد اتبع اجتهاده مقيداً
¥