يُبَيَّنُ كَمْ هِيَ. وَلاَ كَيْفَ تُؤْخَذُ. وَهَذِهِ الصَّدَقَةُ لَوْ صَحَّتْ لَكَانَتْ مَوْكُولَةً إلَى أَصْحَابِ تِلْكَ السِّلَعِ. كَمَا حَدَّثَنَا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا مُعَاوِيَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرْزَةَ قَالَ: مَرَّ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ r فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ , إنَّ الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ وَالْحَلِفُ , فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ. فَهَذِهِ صَدَقَةٌ مَفْرُوضَةٌ غَيْرُ مَحْدُودَةٍ , لَكِنْ مَا طَابَتْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ , وَتَكُونُ كَفَّارَةً لِمَا يَشُوبُ الْبَيْعَ مِمَّا لاَ يَصِحُّ مِنْ لَغْوٍ وَحَلِفٍ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ ; فَلاَ يَصِحُّ , لاَِنَّهُ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَمَاسٍ، عَنْ أَبِيهِ , وَهُمَا مَجْهُولاَنِ.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: حدثنا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: سَمِعْت أَبَا الأَسْوَدِ هُوَ حُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ يَقُولُ: ذَكَرْت لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ حَدِيثَ ابْنِ حَمَاسٍ فِي الْمَتَاعِ يُزَكَّى , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. فَقَالَ مَالِكٌ: يَحْيَى قَمَّاشٌ.
قال أبو محمد: مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَجْمَعُ الْقُمَاشَ , وَهُوَ الْكُنَاسَةُ: أَيْ يَرْوِي عَمَّنْ لاَ قَدْرَ لَهُ، وَلاَ يَسْتَحِقُّ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي قِلاَبَةَ فَمُرْسَلٌ ; لاَِنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرُ بِعَقْلِهِ، وَلاَ بِسِنِّهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِيّ فَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ; لاَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ: أَنَّ تِلْكَ الأَمْوَالَ كَانَتْ عُرُوضًا لِلتِّجَارَةِ وَقَدْ كَانَتْ لِلتُّجَّارِ أَمْوَالٌ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ , مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ ,
وَلاَ يَحِلُّ أَنْ يُزَادَ فِي الْخَبَرِ مَا لَيْسَ فِيهِ , فَيَحْصُلُ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ عَلَى الْكَذِبِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَذَلِكَ أَيْضًا , وَلاَ دَلِيلَ فِيهِ عَلَى إيجَابِ الزَّكَاةِ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ , وَهُوَ خَارِجٌ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَشْهُورِ عَنْهُ فِي أَنَّهُ كَانَ يَرَى الزَّكَاةَ وَاجِبَةً فِي فَائِدَةِ الذَّهَبِ , وَالْفِضَّةِ , وَالْمَاشِيَةِ حِينَ تُسْتَفَادُ , فَرَأَى الزَّكَاةَ فِي الثَّمَنِ إذَا بَاعُوهُ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ مَسْعُودٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَزْمٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حدثنا أَبِي، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ التَّنُّورِيِّ، حدثنا حَمَّادٌ، حدثنا قَتَادَةُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَبِي الشَّعْثَاءَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:، أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ: يُزَكِّيهِ حِينَ يَسْتَفِيدُهُ , وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ. وَقَدْ بَيَّنَ هَذَا عَطَاءٌ: وَهُوَ أَكْبَرُ أَصْحَابِهِ , عَلَى مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ: فَصَحِيحٌ ; إلاَّ أَنَّهُ لاَ حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ r وَكَمْ قَضِيَّةٍ خَالَفُوا فِيهَا عُمَرَ , وَابْنَهُ. مِنْهَا لِلْمَالِكِيِّينَ الرِّوَايَةُ فِي زَكَاةِ الْعَسَلِ ; وَلِلْحَنَفِيِّينَ حُكْمُهُ فِي زَكَاةِ الرَّقِيقِ ; وَغَيْرِ ذَلِكَ كَثِيرٌ جِدًّا وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ وَابْنُهُ حُجَّةً فِي مَوْضِعٍ دُونَ آخَرَ.
¥