رَسُولُ اللَّهِ r : إنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا , إنَّ خَالِدًا قَدْ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالُوا: فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ طُلِبَتْ مِنْهُ فِي دُرُوعِهِ , وَأَعْبُدِهِ ;، وَلاَ زَكَاةَ فِيهَا إلاَّ أَنْ تَكُونَ لِتِجَارَةٍ.
قال أبو محمد: وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ لاَ نَصٌّ، وَلاَ دَلِيلٌ، وَلاَ إشَارَةٌ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ادَّعَوْهُ , وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُمْ ظَلَمُوا خَالِدًا إذْ نَسَبُوا إلَيْهِ مَنْعَ الزَّكَاةِ وَهُوَ قَدْ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْبُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَطْ , صَدَقَ عليه السلام , إذْ مِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ عَاقِلٌ ذُو دِينٍ يُنْفِقُ النَّفَقَةَ الْعَظِيمَةَ فِي التَّطَوُّعِ ثُمَّ يَمْنَعُ الْيَسِيرَ فِي الزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ ; هَذَا حُكْمُ الْحَدِيثِ ,
وَأَمَّا إعْمَالُ الظَّنِّ الْكَاذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَبَاطِلٌ. وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r مَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ لاَ زَكَاةَ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ , وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ، عَنِ النَّبِيِّ r لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ، وَلاَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنْ الإِبِلِ صَدَقَةٌ. وَأَنَّهُ أَسْقَطَ الزَّكَاةَ عَمَّا دُونَ الأَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ , وَعَمَّا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ التَّمْرِ وَالْحَبِّ ; فَمَنْ أَوْجَبَ زَكَاةً فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يُوجِبُهَا فِي كُلِّ مَا نُفِيَ عَنْهُ عليه السلام الزَّكَاةُ مِمَّا ذَكَرْنَا. وَصَحَّ عَنْهُ عليه السلام لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي: عَبْدِهِ , وَلاَ فَرَسِهِ , صَدَقَةٌ إلاَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَأَنَّهُ عليه السلام قَالَ: قَدْ عَفَوْتُ، عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ. وَأَنَّهُ عليه السلام ذَكَرَ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى فِي: الإِبِلِ , وَالْبَقَرِ , وَالْغَنَمِ , وَالْكَنْزِ فَسُئِلَ، عَنِ الْخَيْلِ , فَقَالَ: الْخَيْلُ ثَلاَثَةٌ: هِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ , وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ , وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ. فَسُئِلَ، عَنِ الْحَمِيرِ فَقَالَ: مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إلاَّ هَذِهِ الآيَةَ الْفَاذَّةُ الْجَامِعَةُ: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ فَمَنْ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يُوجِبُهَا فِي الْخَيْلِ , وَالْحَمِيرِ , وَالْعَبِيدِ , وَقَدْ قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ r بِأَنْ لاَ زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إلاَّ صَدَقَةُ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ ; فَلَوْ كَانَتْ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ , أَوْ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ عليه السلام زَكَاةٌ إذَا كَانَ لِتِجَارَةٍ: لَبَيَّنَ ذَلِكَ بِلاَ شَكٍّ ; فَإِذْ لَمْ يُبَيِّنْهُ عليه السلام فَلاَ زَكَاةَ فِيهَا أَصْلاً. وَقَدْ صَحَّ الإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ عَلَى أَنَّ حُكْمَ كُلِّ عَرْضٍ كَحُكْمِ الْخَيْلِ , وَالْحَمِيرِ , وَالرَّقِيقِ , وَمَا دُونَ النِّصَابِ مِنْ الْمَاشِيَةِ , وَالْعَيْنِ. ثُمَّ اخْتَلَفَ النَّاسُ فَمِنْ مُوجِبِ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ ذَلِكَ إذَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ , وَمِنْ مَسْقَطٍ لِلزَّكَاةِ فِي كُلِّ ذَلِكَ لِتِجَارَةٍ كَانَتْ أَوْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ.
وَصَحَّ بِالنَّصِّ أَنْ لاَ زَكَاةَ فِي الْخَيْلِ , وَلاَ فِي الرَّقِيقِ , وَلاَ فِي الْحَمِيرِ , وَلاَ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ مِنْ الْمَاشِيَةِ وَالْعَيْنِ ; وَصَحَّ الإِجْمَاعُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ عَلَى أَنَّ حُكْمَ كُلِّ عَرَضٍ فِي التِّجَارَةِ كَحُكْمِ هَذِهِ. فَصَحَّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لاَ زَكَاةَ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ بِالإِجْمَاعِ الْمَذْكُورِ. وَقَدْ صَحَّ الإِجْمَاعُ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لاَ زَكَاةَ فِي الْعُرُوضِ. ثُمَّ ادَّعَى قَوْمٌ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ فَفِيهَا زَكَاةٌ ; وَهَذِهِ دَعْوَى بِلاَ بُرْهَانٍ. وَأَجْمَعَ الْحَنَفِيُّونَ وَالْمَالِكِيُّونَ , وَالشَّافِعِيُّونَ عَلَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلَعًا لِلْقُنْيَةِ ثُمَّ نَوَى بِهَا التِّجَارَةَ فَلاَ زَكَاةَ فِيهَا وَهَذَا تَحَكُّمٌ
¥