تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مسألة: (وعلى سائر مَن أفطر القضاء لا غير، إلا من أفطر بجماع في الفرج فإنه يقضي، ويعتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، فإن لم يجد سقطت عنه) وسيأتي الكلام على تفاصيل ذلك قريباً إن شاء الله تعالى [3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=653512#_ftn3).

مسألة: قال المصنف: (وكل من لزمه الإمساك في رمضان فجامع فعليه كفارة)

ولتوضيح هذه العبارة سنتكلم على مسألتين:

إحداهما: مَن الذي يلزمه الإمساك في نهار رمضان؟

والجواب: أنهم -على المذهب- ثلاثة أصناف [4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=653512#_ftn4):

الأول: من أصبح مفطراً يعتقد أنه من شعبان، فقامت البيِّنة برؤية هلال رمضان، لزمه الإمساك والقضاء.

الثاني: من أفطر والصوم لازم له، كالمفطِر بغير عذر، أو من لم يبيِّت النية من الليل، أو من أكل يظنه ليلاً فبان نهاراً.

الثالث: من أبيح له الفطر أول النهار، ثم زال عذره أثناءه. كالحائض إذا طهرت نهاراً، والصبي إذا بلغ، والكافر إذا أسلم، والمريض إذا برأ، والمسافر إذا أقام، والمجنون إذا أفاق.

وعللوا لوجوب الإمساك عليهم بأن الرخصة وهي الفِطر قد زالت بزوال سببها وهو العُذر، وبحرمة الزمان، وبأن مَن لم يتمكن من الإتيان بجميع المأمور: لزمه الإتيان بما يقدر عليه منه.

واستُدِل لذلك بما روى سلمة بن الأكوع t، قال: أمر النبي e رجلاً من أسلم: أن أَذِّن في الناس أن من كان أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم، فإن اليوم يوم عاشوراء. متفق عليه.

-وهذه الرواية هي المعتمدة في المذهب: أن على جميع من ذكرنا الإمساك بقية يومه.

-والرواية الثانية: أن من أبيح له الفطر أول النهار ثم زال عذره أثناءه [5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=653512#_ftn5) لا يلزمه الإمساك وفاقاً للمالكية والشافعية [6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=653512#_ftn6)؛ لأنه إذا أفطر جاز له أن يستديم الفطر يومه كله كما لو دام العذر، ولأن ابن مسعود t قال: من أكل أول النهار فليأكل آخره. البيهقي وابن أبي شيبة .. وقد زالت حرمة الزمان بأكله أول النهار.

* مسألة: قال في "المستوعِب" (3/ 392): (إذا قدم المسافر، أو برأ المريض، أو بلغ الصبي في أثناء النهار وهم صيام، لزمهم إتمامه وأجزأهم) أ. هـ. وهذا هو الوجه المعتمد عند أصحاب أحمد؛ فلا قضاء على واحد من هؤلاء؛ لأن صيامهم معتبَر شرعاً، وهو الصواب إن شاء الله.

المسألة الثانية: هل تجب الكفارة على كل من لزمه الإمساك في رمضان فجامع؟

المذهب: وجوبها؛ لأن هذا الإمساك واجب في نهار رمضان، فأوجب الكفارة كالصوم الصحيح [7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=653512#_ftn7). والراجح: عدم وجوبها.

قال: (ومن أخّر القضاء لعذر حتى أدركه رمضان آخر فليس عليه غيره) أي أنه ليس عليه شيء سوى قضاء الأيام التي عليه؛ لأنه معذور لم يفرِّط، (وإن فرَّط أطعم مع القضاء لكل يوم مسكيناً) لفتوى الصحابة t ولا يُعرَف لهم مخالف آنَئِذ.

قال: (وإن ترك القضاء حتى مات لعذر) بأن استمر به المرض مثلاً حتى مات (فلا شيء عليه)، (وإن كان لغير عذر أُطعِم عنه لكل يوم مسكيناً، إلا أن يكون الصوم منذوراً فإنه يصام عنه) فمن كان عليه صيام واجب من رمضان وتمكن منه قبل موته ففرّط فإنه يُطعَم عنه في مشهور المذهب؛ لقول ابن عباس t : ( لا يصوم أحد عن أحد، ولكن يُطعَم عنه مكان كل يوم مُداً من حنطة)، وحملوا حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: (من مات وعليه صيام صام عنه وليُّه [8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=653512#_ftn8) ) متفق عليه .. على الصوم المنذور خاصة، بدليل حديث ابن عباس t أن امرأة جاءت إلى رسول الله e فقالت: إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها؟ قال: (أرأيتِ لو كان على أمك دَين فقضيته أكان يؤدي ذلك عنها؟) قالت: نعم، قال: (فصومي عن أمك).

وفي رواية في المذهب: أنه يستحب أن يصام عنه ولو من رمضان، وهو اختيار جمع من أهل الحديث، وهو الأظهر لوجهين:

الأول: قول ابن عباس موقوف عليه، والموقوف لا يُعارَض به مرفوع صحيح.

الثاني: أنه لا يصح حمل المُطلَق: حديث أم المؤمنين عائشة .. على المقيَّد: حديث ابن عباس في المرأة التي ماتت أمها؛ لأنه لا تَعَارُض حتى يُجمَع بينهما. والله تعالى أعلم.


(1) قال الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى في "الشرح الممتع" (6/ 341): (وإن كان بعض العلماء يقول: يحل له لعموم الآية} ومن كان مريضاً {، ولكننا نقول: إن هذا الحكم معلل بعلة، وهي أن يكون الفطر أرفق به، فحينئذ نقول: له الفطر، أما إذا كان لا يتأثر فإنه لا يجوز له الفطر ويجب عليه الصوم).

(2) كمرض السل والسرطان إن كان ميؤوساً من قدرتهما على القضاء. عافانا الله وجميع المسلمين.

(3) في آخر باب ما يفسد الصوم.

(4) ابن قدامة، المغني (4/ 387)

(5) وهم الصنف الثالث كما تقدم.

(6) إلا أن الشافعية استحبوا له الإمساك.

(7) ابن تيمية، كتاب الصيام من شرح العمدة (1/ 310).

(8) قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم (8/ 26): (والمراد بالولي: القريب سواء كان عصبةً أو وارثاً أو غيرهما، وقيل: المراد الوارث، وقيل: العصبة، والصحيح الأول).
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير