ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[19 - 08 - 07, 01:41 ص]ـ
باب (ما يفسد الصوم)
وهي المفطرات التي متى تناول منها شيئاً لزمه قضاء ذلك اليوم لفساده.
وصنّفها الغزالي في "الوسيط" (2/ 419) بقوله: (المفطرات ثلاثة: دخول داخل، وخروج خارج، وجماع).
وذكر المصنف ما يلي:-
1 - الأكل والشرب، وإدخال أي شيء في جوفه من أي موضع كان. فالأكل والشرب منافيان لمقصود الصوم، وقد دل على إفسادهما للصوم قوله تعالى:} وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ {.
فإن كان الأكل لما يتغذى به فهو مفطر بالإجماع، وإن كان لما لا تحصل به تغذية كالورق والحصى فكذلك عند عامة العلماء لظاهر إطلاق الآية.
واختلف العلماء فيما يلحق بالأكل والشرب ويقاس عليه على أقوال:
- فمنهم من اعتبر مجرد دخول أي جرم من أي موضع إلى الجوف مفطِّراً.
- ومنهم من ضبط ذلك بنوع الداخل (أي أنه يحصل به التغذي وتقوي البدن)؛ فإذا دخل ذلك إلى الجوف من أي موضع كان فهو مفطر.
- ومنهم من ضبطه بالمدخل؛ فإن وصل إلى الجوف أي جرم من منفذ مفتوح كان مفطراً، وإلا فلا.
ومعتمد المذهب: الأول، كما نص عليه المصنف رحمه الله تعالى ... فيدخل في المفطرات عندهم: الكحل إن وصل إلى جوفه، وقطرة الأذن إن وصلت إلى دماغه، والسعوط في الأنف إن وصل للجوف، ومداواة المأمومة والجائفة [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=653799#_ftn1) ، والحقنة الشرجية، والإبر أيّاً كان نوعها.
واختار شيخ الإسلام رحمه الله تعالى عدم الفطر بالكحل والحقنة الشرجية ونحو ذلك، مستدلاً بأن الصوم من أمور الدين التي يحتاج الناس إلى معرفتها وتعم بها البلوى، ولم يفصّل الشارع بذكر هذه التفصيلات، ولو كانت تفطر لبينها أتم بيان.
قال ابن رشد في "بداية المجتهد" (2/ 60): (فمن رأى أن المقصود بالصوم معنى معقول، لم يلحق المغذي بغير المغذي. ومن رأى أنها عبادة غير معقولة، وأن المقصود منها إنما هو الإمساك فقط عما يرد الجوف سوّى بين المغذي، وغير المغذي).
واستدل الأولون بالقياس، وقول النبي r للقيط بن صبرة t : ( وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً). وبأن ما لا يحصل به التغذي إذا دخل الجوف فإنه يسمى أيضاً أكلاً وشرباً:} وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر {[2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=653799#_ftn2) .
فائدة: حديث الكحل: (ليتقه الصائم) رواه أبو داود بسند ضعيف، قال أبو داود: حديث منكر، وفي سنده مجاهيل. وقال الترمذي: ولا يصح عن النبي r في هذا الباب شيء.
تنبيه:إنْ أكل أو شرب ناسياً فعليه إتمام صومه؛ لحديث الصحيحين عن أبي هريرة t مرفوعاً: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه)، ولا قضاء عليه عند الجمهور.
2 - التقيؤ عمداًبفعله – كأن يتعمد إدخال أصبعه في حلقه ليقيء ونحو ذلك – ونقل ابن المنذر الإجماع على إبطال صومِ مَن فعل ذلك؛ لحديث أبي هريرة t أنه r قال: (من ذَرَعَه قيء وهو صائم فليس عليه قضاء، وإن استقاء فليقضِ) أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي في الكبرى وابن ماجه [3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=653799#_ftn3) .
3- إخراج المنيبتقبيل أو لمس أو تكرار نظر أو استمناء بيد ونحوها أو وطء دون الفرج؛ لأن هذا منافٍ لمقصود الصوم، ولما جاء في الحديث القدسي: (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي). متفق عليه.
فإن احتلم حال نومه لم يفسد صومه بلا خلاف، وإن فكّر فأنزل، فمشهور المذهب أنه لا يفسد صومه، واستدل له بحديث (عفي لأمتي ما حدّثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) البخاري.
فإن باشر وهو صائم فلم يُنزِل فصومه صحيح؛ لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي r يقبِّل ويباشر وهو صائم (وكان أملككم لإربه).
مسألة:هل يفطر إذا خرج المذي بشيء مما سبق؟
مشهور المذهب أنه يفطر بذلك. واختار شيخ الإسلام عدم الفطر به، وهو رواية في المذهب؛ لأنه لا يصح قياسه على المني فالفارق بينهما ظاهر، وهذا هو الأقرب إن شاء الله تعالى.
نكمل الدرس القادم بإذن الله تعالى
(1) المأمومة: الجرح أو الشجة تصل إلى الدماغ، والجائفة: الجرح إذا وصل إلى الجوف.
(2) فسبب الاختلاف هنا ظاهر، ولكل من الأقوال وجهه وقوته، وينبني على تحقيق المناط وتنقيحه في هذه المسألة الحكمُ على قضايا استجدت، كالإبر أو الحقن العلاجية، وبخاخ الربو، ومنظار المعدة، وقطرة العين والأنف والأذن، والتحاميل المهبلية والشرجية.
(3) وضعفه بعضهم، إلا أن العمل عليه عند أكثر أهل العلم، بل حكي فيه الإجماع ولا أظنه يثبت هنا. أما قول ابن عباس وعكرمة: (الفطر مما دخل وليس مما خرج) فهو أغلبي، لتفريقهما بين الفطر والوضوء فيقولون: "الفطر مما دخل، والوضوء مما خرج" فالجماع يشذ عن هذا في جزئه الأول، وأكل لحم الإبل في جزئه الثاني.
¥