تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لي عشرة من الولد ما قبلت أحداً منهم قال: ((أو أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك)) فوصف التقبيل بكونه رحمة وهذا لايتكلم العلماء عنه، وكذا إذا قبلت الأم ابنتها إذا رآها في حزن ونحو ذلك، فإذا كان التقبيل للشهوة فقد ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قبل وهو صائم وهو ثابت في الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- يرويه هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير أن عائشة-رضي الله عنها- قالت: كان النبي- صلى الله عليه وسلم - يقبل وهو صائم، فسألها عروة-رضي الله عنه- وقال: ما أرُأه إلا أنت، قال فضحكت-رضي الله عنها وأرضاها-.

ما فائدة سؤال عروة-رضي الله عنه- بهذا الأسلوب؟

لأنه قد يقول البعض: ما الداعي أن يقول عروة ذلك؟ الواقع أننا استفدنا من سؤال عروة-رضي الله عنه- هذا أنها رواية متصلة لا منفصلة؛ لأنه قد تحكي أم المؤمنين شيئاً من حاله-عليه الصلاة والسلام- عن غيرها من أمهات المؤمنين؛ لكن كونها تضحك فهذا يدل على أنه وقع منها مع النبي- صلى الله عليه وسلم - فتكون الرواية متصلة ويكون الفعل بينها وبين النبي- صلى الله عليه وسلم - مباشرة وهذا يدل على أنه لا حرج أن يقبل الصائم زوجه، لكن قالت أم المؤمنين-رضي الله عنها- " ولقد كان أملككم لإرْبه "، وفي رواية " لأرْبه "، وقيل" لأرَبِه " واختلف العلماء فيه على وجهين:

قيل: الأرب هو العضو، أرادت أنه لا ينزل-عليه الصلاة والسلام-.

وقيل شهوته يعني الشهوة مطلقاً، فإذا قلت: إن المراد من الأرب العضو فيكون مرادها أن يتحفظ من الإنزال فيدل على أن يقبل للشهوة؛ ولكن بشرط أن يأمن الإنزال، وإن قلت إن المراد بها مطلق الشهوة لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قبّل فحينئذٍ تشمل الشهوة المنبعثة للتقبيل والشهوة التي يكون منها للجماع، فحينئذٍ تقول: إنه قَبَل لمعنىً غير كأن يقبل لعطف أو لحنان أو نحو ذلك، والأول أقوى، وعلى هذا فإنه لو قبل زوجته للشهوة لا حرج لكن فيه تفصيل إن غلب على ظنه أنه يجامع أو يقع في الجماع فلا يجوز له أن يقبل وذلك لأن " الوسائل تأخذ حكم مقاصدها " فإنك لو قلت الشرع يأذن للرجل أن يقبل زوجته مع أنه يغلب على ظنه أنه سيقع معها في الجماع وإفساد الصيام فهذا مما لم يأذن الله-سبحانه وتعالى- به، وحينئذٍ يتناقض الشرع، ولذلك نبهت أم المؤمنين-رضي الله عنها- على هذا فقالت: " كان أملككم لإربه " وكأنها تريد أن تفرق بين من يملك النفس ومن لا يملك النفس وبين من يقدر على حفظ نفسه ومن لا يقدر على حفظ نفسه، وقد دل الشرع على أن تعاطي السبب يوجب الضمان للإنسان، وأن الإنسان ينبغي عليه أن يتحفظ عن الأسباب التي تفضي به إلى الإخلال سواءً بالمأمورات أو بالمنهيات.

وبناءً على ذلك لما غلب على ظنه أنه يفسد صيامه بالجماع أو بالإنزال فإنه لا يقبّل، فلو اعترض معترض وقال هذا ليس بصحيح لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قبّل فلا داعي لأن نفرق بين من يقع وبين من لا يقع، نقول: إذا استدللت بفعله-عليه الصلاة والسلام- فيلزمك الاستدلال به كاملاً، والذي وقع من النبي- صلى الله عليه وسلم - شيئان: التقبيل مع التحفظ، والذي نتكلم فيه التقبيل مع عدم التحفظ، فصورة النص فيها محافظة ولا إخلال فيها، والصورة التي ذكرها العلماء واستثناها مما فيه الإخلال فبقيت على الأصل الموجب للمنع، وهكذا لو أنه لم يأمن أن ينزل؛ لأن إنزاله يفضي به إلى الفطر فاستوى أن لا يأمن الجماع ولا يأمن الإنزال ففي هذه الأحوال يمنع منه.

وأما بالنسبة لما ورد في حديث أبي داود بتفريقه-عليه الصلاة والسلام- بين الشيخ وبين الشاب فحديث ضعيف لكن متنه صحيح، وأصول الشريعة دالة على أن الذي لا يملك نفسه أنه لا يقبل، وأما بالنسبة للذي يملك نفسه ويقدر فإنه لا حرج عليه أن يقبل ويقع منه ذلك.

قوله [ويجب اجتناب كذب وغيبة وشتم]: ويجب على الصائم أن يجتنب الكذب وهو محرم على المسلم سواءً كان صائماً أو مفطراً، ولكن لماذا يقول المصنف-رحمه الله-[ويجب اجتناب كذب]؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير