تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وتوضيح ذلك: أن الكذب محرم في أصل الشرع ولكنه في رمضان أو في حال الصيام المفروض إذا كذب أصابه وزران وعليه إثمان، الإثم الأول من جهة كونه كاذباً، والإثم الثاني عدم رعايته لحرمة صيامه، ولذلك يضيفه العلماء في باب الصيام تأكيداً وإلا فالكذب محرم مطلقاً، والكذب: هو مخالفة الخبر للواقع فيقول محمد في الدار، والواقع أنه ليس في الدار والواقع يعني الذي حدث وحصل أو الخارج عن الكلام الذي يوصف به ذلك، فلو قلت محمد ليس بالدار أو محمد موجود بالدار ومحمد موجود في حال النفي أو غير موجود في حال الإثبات فهذا كذب، فإن كان عالماً بأنه ليس بموجود فأخبر بالوجود والعكس، والكذب محرم مطلقاً، قال الله-تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} وقال-عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث الصحيح: ((عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة) وقوله: ((يهدي إلى البر)) يعني يهدي لكل خير، فقلّ أن تجد إنساناً لسانه صدوق إلا وجدته أكثر الناس حرصاً على الطاعة، وقلّ أن تجد إنساناً كذوباً يوفق للخير، فغالباً ما تجد الصادق في قوله الأمين في خبره موفقاً للخير، لأنه قد سدّ عن نفسه إثم لسانه، ولما أراد أن يصف النبي- صلى الله عليه وسلم - كمال المسلم قال: ((المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه)) فمن أذية المسلمين باللسان الكذب عليهم فيخبرهم بأمور ليس لها حقيقة فهذا من الكذب وأشد ما يكون الكذب إذا كان على الله وعلى رسوله-عليه الصلاة والسلام- بتحليل الحرام أو تحريم الحلال، فهذا من أعظم الكذب-نسأل الله السلامة والعافية-، وهو من كبائر الذنوب التي توّعد الله عليها باللعنة والغضب-نسأل الله السلامة والعافية- قال-عليه الصلاة والسلام-: ((وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً))، فالإنسان الذي لا يبالي بالكلام الذي يخرج منه ويتكلم بما لا حقيقة له فإن هذا الفعل منه اعتداء لحدود الله في لسانه فيفجر بلسانه، وقد ثبت في الحديث عن سفيان بن عبدالله-رضي الله عنه- أنه سأل النبي- صلى الله عليه وسلم - وقال: ما أخوف ما تخاف عليّ؟ قال: ((هذا)). أي لسانك؟ وإذا كذب وتحرى الكذب -نسأل الله السلامة والعافية- فإنه يهدي إلى الفجور ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب الله عند الله كذاباً قال- صلى الله عليه وسلم -: ((إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار)) -فنسأل الله السلامة والعافية -.

فإذا كذب لسانه-?- اعوجت جوارحه وهذا يشهد له ما جاء في الحديث عنه-عليه الصلاة والسلام- أن الأعضاء تكفّر اللسان في صباح كل يوم وتقول: اتق الله فينا يا هذا اتق الله فينا فإنما نحن بك إن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا فهذا يدل على خطر الكذب ولذلك قال: ((وإن الكذب ليهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)).

فالكذب حرام سواءً كان في الصيام أو غيره ولكنه في الصيام أشد، وهو كبيرة من كبائر الذنوب، واختلف العلماء متى يكون الكذب كبيرة، فبعض العلماء يقول: كبيرة ولو بمرة واحدة فمن كذب الكذبة الواحدة فإنه -نسأل الله السلامة والعافية- يعتبر فاسقاً مردود الشهادة مقدوح العدالة.

وقال بعض العلماء: لابد وأن يتكرر الكذب ثلاث مرات، ولذلك قال-عليه الصلاة ولسلام-: ((ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)) فالناس فيهم كاذب وفيهم كذاب وفيهم كذوب، فالكذاب والكذوب هو الذي يتكرر منه الكذب وهي صيغة فعّال تدل على الكثرة وعلى القصد لذلك الشيء، فبعض العلماء يرى أنه لا يعتبر من كبائر الذنوب إلا بالثلاث، ولكن الأقوى أنه يفرّق في نوعية الكذب، فبعض الكذبات تعتبر كبيرة بمرة واحدة، وبعضها لا تعتبر كبيرة إلا بالتكرار، فالكذب على رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ولو بحديث واحد يعتبر كبيرة حتى ولو روى حديثاً وهو يعلم أنه ضعيف ونسبه إلى النبي-عليه الصلاة والسلام- وسكت على ذلك وأقره أو عبّر بصيغة تدل على ثبوته وهو يعتقد أن النبي-عليه الصلاة والسلام- لم يقله فقد كذب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير