تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على رسول الله-نسأل الله السلامة والعافية-.

قوله [ويجب اجتناب كذب]: قال بعض العلماء: من كذب وهو صائم فقد أفطر لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: ((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) قالوا: فإذا كذب فقد انتقض صيامه وهذا مذهب بعض أهل الظاهر وبعض أهل الحديث-رحمة الله عليهم-، وجماهير السلف على أن الكذب لا يوجب الفطر ولكنه ينقص أجر الصائم ويخل بثوابه الكامل وقد يمنع من قبول الله لصيامه-نسأل الله السلامة والعافية-؛ لأن الله-تبارك وتعالى- يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ} وقال-?-: {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} فجعل الصدق من تقواه-سبحانه وتعالى- من باب عطف الخاص على العام، وعلى هذا قالوا: إنه لا يأمن لو كذب مرة واحدة وهو صائم أن يرد الله صيامه عليه ولا يتقبله، وإذا لم يُتَقَبّل العمل فكأن الإنسان لم يعمله-نسأل الله السلامة والعافية-.

[وغيبة وشتم]: ويجب اجتناب الغيبة بالنسبة للصائم فلا يغتاب الناس والغيبة لها حالتان:

الحالة الأولى: أن تكون باللسان.

والحالة الثانية: أن تكون بالجوارح والأركان، فأما الغيبة باللسان فهو أن يذكر أخاه بما يكره، كأن يقول مثلاً فلان قصير فلان سمين فلان أعرج فلان أعور بشرط أن لا يكون من باب التمييز المحتاج إليه أو اشتهر بذلك فهذا يعتبر من الغيبة إذا ذكر نقصاً خِلقياً أو خُلقياً، النقص الخَلْقي هو ما كان في صفاته الخلقية مثل ما ذكرنا فلان قصير، أما النقص الخُلقي فينقسم إلى قسمين ما يتصل بالشرع وما يكون من أحوال الإنسان ولا يتصل بالشرع فالنقص الخُلقي المتصل بالشرع كأن يقول فلان فاسق وفلان فاجر -نسأل الله السلامة والعافية- فيتهمه بالفجور وبالفسق حتى ولو كان فاجراً فهي غيبة، أما إذا لم يكن فاسقاً ولم يكن فاجراً فإنه يعتبر جامعاً بين السوأتين والعظيمتين الغيبة والبهتان-نسأل الله السلامة والعافية-، فهذا من أعظم ما يكون كما أخبر-عليه الصلاة والسلام- قال: - يا رسول الله - أرأيت إن كان فيه ما أقول؟ قال: ((إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته)) فهذا النقص المتعلق بالدين، أما النقص الخُلقي الذي لا يتصل بالدين كأن يقول فلان عجل فلان يستعجل في رأيه فلان لا يشاور فهذا عيب في الإنسان لكنه لا يتصل بالدين ولا يعتبر قادحاً دينياً فلان مستبد برأيه، فهذا يعتبر من الغيبة لكنه ليس بعيب ديني إنما هو عيب خُلقي لا يتصل بالدين هذه الغيبة باللسان.

أما الغيبة بالجوارح والأركان تكون باليد كأن يشير فلان قصير وإلى ذلك أشار النبي-عليه الصلاة والسلام- بقوله لما أشارت أم المؤمنين أنها قصيرة قال: ((والذي نفسي بيده لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لأنتنته)) أي أن هذا الفعل منك تعيّرين به هذه الأمة من إماء الله بالقصر ((لو مزجت بماء البحر)) أي بما فيها من الأذية للمؤمنة وأذية المؤمن عظيمة عند الله-عز وجل- ((لو مزجت بماء البحر)) لو كانت شيئاً حسّياً يظهر قذره للعيان ووضع هذا القدر في البحر الذي يعرف بكثرة الماء ولا يتغير قال: ((لأنتنته)) أي لوجد نتنه وضرره، فهذا يدل على خطر الغيبة فهذا غيبة اليد، غيبة اللسان مثل أن يتكلم يأتي الشخص وهذا يقع عند حكاية أحوال الناس فتجده يحكي لهجة الشخص أو يحكي أسلوبه في الكلام كأن يكون رجلاً أعجمياً فيتكلم كلاماً أعجمياً كأنه يحاكيه في الكلام أو يكون في لسانه رت أو لثغ فيأتي بالرت واللثغ على أساس أنه يحكي كلامه، فهذا كله من الغيبة-نسأل الله السلامة والعافية- وآخذ حكمها، فكما تقع الغيبة بالكلام تقع كذلك بالجوارح والأركان فبعض الناس يظن أن الغيبة لا تقع إلا بالكلام والواقع أنها أعم من هذا كله، لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - جعل الإشارة غيبة ومن هنا قال العلماء: إن الفعل آخذ حكم القول لأن المراد أن تحفظ حرمة أخيك المسلم ويستوي في ذلك أن يكون انتهاكها بالقول أو يكون انتهاكها بالفعل، بل إن انتهاكها بالفعل في بعض الأحيان أشد من انتهاكها بالقول، والغيبة لا خير فيها، فلا يغتاب الناس إلا إنسان دنيء لأن الإنسان الكامل في خلقه والكامل في أدبه مع الناس يحفظ لسانه عن أذية المسلمين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير