تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويصونه عن الوقيعة في أعراضهم، وعلى ذلك يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه فكما أنه يكره أن يُذكر عند الناس كذلك يكره أن يذكر الناس بما لا يحبوه، فهذه الغيبة محرمة وبالإجماع أنها من كبائر الذنوب.

واختلفوا متى تكون كبيرة؟

قال بعض العلماء: كبيرة بحسب الأشخاص فغيبة العلماء سواءً كانت باللسان أو كانت بالجوارح والأركان يقصد تحقير عالم أو انتقاصه فقالوا: هذا يعتبر كبيرة ولو بمرة واحدة، فذكر العالم بما يكره في غيبته يعتبر كبيرة ولو بمرة واحدة وذلك لعظيم حرمتهم عند الله-عز وجل- ويدل على ذلك ما ثبت في الحديث عنه-عليه الصلاة والسلام- أنه لما قال المنافقون: ما رأينا مثل قرآئنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أجبن عند اللقاء، فأنزل الله-عز وجل-: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ? لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} قالوا لأن القراء وُقع في عرضهم ووقعت الغيبة فيهم لأنهم قراء لكتاب الله وكأن الأذية لهم من جهة الشرع، فكذلك العلماء والقضاة، والناس يقعون في الغيبة وهم لا يشعرون فتجد الواحد يقول: القضاة لا يعرفون أو الدعاة لا يعرفون فإذا قال: القضاة فإنه قد اغتاب جميع من يقضي على وجه الأرض في شريعة الإسلام، وهكذا إذا قال: إنهم لا يحسنون الفتوى عن العلماء فإنه يعتبر متحملاً لوزر جميع العلماء إذا وصفهم بكونه ... ، ولذلك الأمر خطير جداً فإذا ذكرت جنساً معيناً قلت: جنس كذا لا يفهمون، جنس كذا يسرقون، وجنس كذا يفعلون، جنس كذا يتركون، جنس كذا، جنس كذا طوال أو قصار فهذه غيبة لتلك الأمة كلها لأنك وصفتهم جميعاً وشهدت عليهم بهذا فالأمر خطير جداً والله-تعالى- يقول: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} فالإنسان يتكلم وهو لا يدري يظن أن الأمر سهل، ومن هنا أشار النبي-عليه الصلاة والسلام- في قوله: ((والذي نفسي بيده إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يلقي لها بالاً يهوي بها أبعد مما بين المشرق والمغرب في نار جهنم)) بالكلمة الواحدة فهذا أمر صعب، قال بعض العلماء: إن العبد يبيت قائماً ويصبح صائماً وحسناته قد ذهبت بغيبة واحدة كأن يغتاب أمة بكاملها-والعياذ بالله-، فالأمر جد خطير، وعلى طالب العلم والعلماء والدعاة أن ينصحوا الناس وأن يذكروهم فهذا أمر مما حرمه الله-عز وجل-، فإذا وقع فيه الصائم.

قال بعض العلماء: فسد صيامه وأفطر ولزمه القضاء وهو قول ضعيف، والصحيح ما ذهب إليه الجمهور أنه يأثم وصيامه صحيح.

قوله [وشتم]: الشتم له حالتان:

الحالة الأول: إما أن يكون شتماً يوجب النقص للمشتوم في دينه وعرضه كأن يشتمه شتيمة كفر-والعياذ بالله- فيصفه بالكفر فهذا من أشد الشتم، وهو الذي أشار النبي-عليه الصلاة والسلام- إليه أنه: ((إذا قال لأخيه المسلم يا كافر إن كان كما قال وإلا حارت عليه)) يعني رجعت عليه-والعياذ بالله-، فهذا أعظم الشتم وهو الشتم بالعيب الديني الموجب للخروج من الملة، وبعده الشتم بالفسق كأن يشتمه بعيب فيه فسق كشرب خمر أو زنا أو غير ذلك فهذا من كبائر الذنوب ومنه قذف المحصنات الغافلات المؤمنات وهو الذي توعد الله عليه باللعنة والغضب والعذاب العظيم في الدنيا والآخرة-نسأل الله السلامة والعافية-، فهذا من أشد أنواع الشتم ويليه بعد ذلك الشتم بالمحقرات قد يكون الشتم غير مباشر قد يكون بالتشبيه كأن يصفه بوصف يقصد به المنقصة فهذا من الشتم لأنه يتضمن الانتقاص والعيب فهذا كله مما يحرم على الصائم، ولذلك كان بعض العلماء يكره ويتقي أن يعنف الطالب في رمضان أو هو صائم كله خوفاً أن يكون منقصاً لأجره وموجباً لذهاب كمال ثوابه، حتى كان بعضهم يتورع ويتقي أن يقول للطالب أنت لم تفهم، فهذا كله خوف لأنه عيب وانتقاص؛ لأن الشتم أصله الانتقاص، وعلى هذا ينبغي للصائم أن يتحفظ في أذيته لإخوانه المسلمين بالشتم واللعن والسب، وقد ثبت في الحديث عنه-عليه الصلاة والسلام- قال: ((إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة)) ((إن اللعانين)) أي الذين يكثرون اللعن ((لايكونوا شفعاء ولا شهداء يوم القيامة)) -نسأل الله السلامة والعافية- فحرمهما الله من هاتين المرتبتين الكريمتين اللتين يحتاجهما الإنسان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير