تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والأكل في وقت السحور مما يعين على أداء الفريضة وهي فريضة الفجر؛ لأن الإنسان إذا تسحر وحافظ على السحور فإنه أدعى أن يحفظ صلاته وأن يتمكن من أدائها، لكنه إذا تسحر أول الليل ربما تساهل وقصر حتى يذهب وقت الفجر عليه أو تفوته الجماعة فلا يصلي معها، فالمقصود أن الأفضل له أن يتسحر لكن لو أكل من الليل ثم نام واستيقظ في السحر ولم يأكل وواصل فإنه لا إثم عليه لأنه قال سنة: أي أنها يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها ولا توجب الإخلال فهذه من السنن والفضائل أن يؤخر السحور بحيث يكون بمجرد انتهائه من السحور يكون قد دخل وقت الفجر وهذا من أفضل ما يكون.

لكن ينبغي أن يكون ذلك مع حفظ وقت الفجر، أما إذا كان يتساهل ولايضبط الوقت وعلى شبهة فيتحرى ويتحفظ فالمقصود أن تأخير السحور شرطه أن يضبط الوقت، أما إذا كان على وجه لا يأمن منه الإخلال فإنه يمنع منه لأنه لا يُعقل أن يطلب السنة على وجهٍ يضيع به فريضة الله-عز وجل- وهذا الركن من أركان الإسلام، فالمقصود أنه يؤخر السحور على وجه يحفظ به الوقت.

قوله [وتعجيل فطر على رطب]: ويسن أن يعجل الفطر من صيامه فبمجرد مغيب الشمس يبادر بالفطر، وقال بعض العلماء: بذهاب الصفرة التي تكون بعد المغيب حتى يُقبل الليل، قالوا: وهذا هو السر في قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} أي مع إمساك جزء يسير من الليل، وعناه النبي- صلى الله عليه وسلم - بقوله: ((إذا أدبر النهار من ها هنا - وأشار إلى المغرب - وأقبل الليل من هاهنا - وأشار إلى المشرق - فقد أفطر الصائم)) ويبادر إلى الفطر وأحب العباد إلى الله أعجلهم فطراً كما ورد في الخبر عنه-عليه الصلاة والسلام-، فهذه من الفضائل لما فيه من الأخذ برخصة الله-عز وجل- وترك التنطع في الدين والتشدد لأن التنطع لا خير فيه وهو يهلك صاحبه كما قال-عليه الصلاة والسلام-: ((هلك المتنطعون)) ولا ينبغي للإنسان إذا وَقّت له الشرع شيئاً أن يجاوزه فحينئذٍ وقّت له أن يبقى صائماً إلى مغيب الشمس، فإذا غابت الشمس أخذ برخصة الله-عز وجل- فأفطر.

قوله [على رطب]: السُّنة أن يكون على رطب، والرطب أفضل من التمر فإذا لم يجد الرطبات فالتمر، فإذا لم يجد التمر حسا حسوات من ماء لحديث أنس-رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا أفطر أفطر على رطبات فإن لم يَكُن - أي لم يجدها-عليه الصلاة والسلام- أفطر على تمرات فإن لم يَكُن حسا حسوات من ماء-صلوات الله وسلامه عليه-، وكان بعض العلماء يذكر في الطب النبوي أن للرطب خاصية طيبة للجسم وأنه يقابل ما في جوف الإنسان من الشدة والحرارة ويصلح بذلك البدن ويرتفق به بخلاف الماء وبخلاف غيره من المشروبات، فإنها إذا نزلت تنزل بسرعة ويفاجأ بها أعضاء الإنسان في جوفه، فيستحبون أن يسبق بالرطب، لأن الرطب أقل انسياباً من التمر والتمر أسرع انسياباً، ثم في التمر فضائل من جهة كونه هضيماً كما أخبر الله-عز وجل-: {وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ} فهذا الطلع إذا كان رطباً فهو أفضل وأكمل، والرطب هو الذي يستوي بعضه، تعرفون أول ما يكون في ثمرة النخل البُسَر ويسمى البلح وهو الذي يكون عند الإزهاء من اصفرار أو احمرار فتبقى البلحة على حالها ويضربها اللون فهذه مرتبة الإزهاء، وبعد أن تزهي تبدأ تستوي قليلاً قليلاً فيبدأ طرفها الأسفل، وبعض الثمرات تبدأ بالترطيب من أعلاها وبعضها يبدأ بالترطيب من أوسطها حكمة من الله-سبحانه وتعالى- وهذا من أبلغ الآيات التي تدل على الطبيعيين الذين يقولون: الطبيعة، ومن خيرات الطبيعة، وما هذه الطبيعة التي ليست بخالقة ولا رازقه فلو كانت طبيعية لكان الرطب إما أن يستوي من أسفل أو أعلى أو أوسط يتفق على حالة واحدة، فهذا الاختلاف في الألوان والأشكال والخلقة والاختلاف في الصور والاختلاف في الترطيب كما في الثمر يدل على وحدانية الله-عز وجل- ووجوده لأن هذا يدل على وجود من فرق بين هذه الأحوال، ولذلك جعل الله الاختلاف آية على وحدانية الله-عز وجل-، فالمقصود أنه يبدأ يُرْطِب أسفلها، فلو كان ولو في بداية الرطب يكون أخذ حكم هذه الفضيلة إذا لم يجد غيره، أما إذا كان بلحاً كامل البلح فلا يستحب لأن البلح يَيْبس في الحلق وله أثر يضر بالإنسان لكنه إذا كان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير